للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الخامس: أخرج الإمام مالك والنسائي وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؛ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرّباطُ، فذلكم الرِّباطُ، فذلكم الرِّباطُ] (١).

وأورد ابن جرير بسنده عن زيد بن أسْلَمَ قال: (كتب أبو عبيدةَ إلى عمر بن الخطاب، يذكُرُ له جُمُوعًا من الروم وما يتخوَّفُ منهم، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزلة شدّة يجعل الله له بعدها فرجًا، وإنه لن يغلبَ عُسْر يُسْرَين، وإن الله تعالى يقول في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٢).

وذكر الحافظ ابن كثير في التفسير قال: (وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك، من طريق محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملى عليَّ عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسُوس، وَوَدّعته للخروج، وأنشدها معي إلى الفُضيل بن عياض في سنة سبعين ومئة، وفي رواية سنة سبع وسبعين ومئة.

يا عابدَ الحرمين لَوْ أَبْصَرْتَنا ... لعلمت أنك في العبادة تَلعَبُ

مَنْ كان يَخْضِبُ خَدَّه بدمُوعه ... فنُحورُنا بدمائنا تَتَخضَّبُ

أو كان يُتْعِبُ خَيْلَه في باطل ... فخيُولنا يوم الصبيحة تتْعبُ

ريحُ العبير لكم ونحنُ عَبيرُنا ... رهج السَّنابِكِ والغبارُ الأطْيبُ

ولقد أتانا مِنْ مَقال نَبِيِّنَا ... قولٌ صحيحٌ صادقٌ لا يكْذِبُ

لا يستوي غُبَار خيل الله في ... أنف امرئٍ ودخان نار تَلْهبُ

هذا كتاب الله يَنْطِقُ بيننا ... ليسَ الشهيدُ بِمَيِّتٍ لا يَكْذِبُ

قال: فلقيتُ الفُضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذَرِفَت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن، ونصحني، ثم قال: أنت ممن يكتب الحديث؟ قال:


(١) حديث صحيح. أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٢٦١)، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢٥١)، والنسائي (١/ ٨٩)، ورواه أحمد في المسند (٢/ ٢٧٧)، وابن حبان (١٠٣٨).
(٢) حديث موقوف. أخرجه الطبري في "التفسير" -حديث رقم- (٨٣٩٣) بإسناد حسن. رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>