للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: نعم قال: فاكتب هذا الحديث كِرَاءَ حَمْلِك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا. وأملى عَلَيَّ الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المعتمر؛ عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن رجلًا قال. يا رسول الله، عَلِّمني عملًا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله. فقال: هل تستطيع أن تُصَلِّي فلا تَفْتُر، وتصوم فلا تفطر؟ فقال: يا رسول الله، أنا أضعف من أن أستطيع ذلك. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فوالذي نفسي بيده، لو طُوِّقْتَ ذلك ما بلغتَ المجاهدين في سبيل الله، أوما عَلِمْتَ أن فرس المجاهد ليَسْتَنُّ (١) في طِوَلِهِ، فيكتب له بذلك الحسنات" (٢)) (٣).

وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}. هو أمر من الله لعباده المؤمنين، فلا فلاح لهم بدون منهاج التقوى في كل أعمالهم وأقوالهم وأحوالهم.

وفي المسند وجامع الترمذي من حديث أبي ذر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن] (٤).

وفي مسند الطيالسي وصحيح ابن حبان من حديث جابر بن سليم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [اتق الله، ولا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسطٌ، وإياك وإسبال الإزار، فإن إسبال الإزار من المخيلة, ولا يحبها الله، وإن امرؤٌ شتمك وعيرك بأمر ليس هو فيكَ، فلا تعيره بأمر هو فيه، ودعْهُ يكون وبالُه عليه، وأجرُه لك، ولا تسبنَّ أحدًا] (٥).

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. أي: لتفلحوا فتخلدوا في نعيم الآخرة، وتتجاوز عقبة الهلاك والشقاء. فإن الفلاح كل الفلاح في التمسك بالإسلام في الدنيا، والفوز برضى الله في الآخرة.


(١) يستنّ في طِوَلَهِ: يمرح في الطول. وقال أبو عبيدة: الاستنان أن يُحضر وليس عليه فارس.
(٢) إسناده لا بأس به, محمد بن إبراهيم، وثقه ابن حبان, ومن فوقه رجال الصحيح، وأصله في الصحيحين. انظر: مختصر صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير -حديث رقم- (١١٤٦).
(٣) انظر تفسير ابن كثير - آخر سورة آل عمران، تحقيق - عبد الرزاق المهدي.
(٤) حديث حسن. رواه أحمد في المسند، ورواه الترمذي، في الجامع (١٩٨٧) من حديث أبي ذر. وانظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٩٦).
(٥) حديث صحيح. رواه الطيالسي (١٢٠٨) من حديث جابر بن سليم وروى أحمد نحوه (٥/ ٦٣). وانظر: السلسلة الصحيحة (٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>