للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغِرْ] (١).

وفي المسند وصحيح الحاكم عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أُغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني] (٢).

وقد سمى الله تعالى الوقوع بالذنب جهالة. قال مجاهد: (كل من عصى الله خطأ أو عمدًا فهو جاهل حتى يَنزع عن الذنب). وقال ابن عباس: (من جهالته عمل السوء).

وقوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}. قال ابن عباس: (ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت).

وقال الضحاك: (ما كان دون الموت فهو قريب). وقال قتادة: (ما دام في صحته).

وقال الحسن: (ما لم يغرغر). وقال عكرمة: (الدنيا كلها قريب).

وقوله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}.

فإنه إذا حشرج العبد بنفسه وعاين ملائكة ربه أقبلوا لقبض روحه، وبلغت الروح الحلقوم وضاق بها الصدر، فلا تقبل التوبة عندها فقد فات أوانها.

وفي التنزيل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} - وذلك لأهل الأرض إذا عاينوا طلوع الشمس من مغربها.

وقوله: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}. قال ابن عباس: (أولئك أبعدُ من التوبة).

وقوله: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. أي: أعددنا لهم عذابًا مؤلمًا موجعًا.


(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٣٥٣٧)، وابن ماجة (٤٢٥٣)، وأحمد (٢/ ١٣٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٤/ ٢٦١)، والبيهقي في "الأسماء" ص (١٣٤)، وأحمد (٣/ ٢٩) نحوه. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>