٢ - قيل بل المعنى: ولا تنكحوا نكاح آبائكم - يعني في الجاهلية - إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح، لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام، فإنه معفو لكم عنه. ذكره ابن جرير في التفسير. ويدل عليه ذكر "ما" في قوله: {مَا نَكَحَ} فإن "مَنْ" لبني آدم، و"ما" لغيرهم. والتقدير: لا تنكحوا مناكح آبائكم في الجاهلية.
٣ - قيل بل المعنى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بالنكاح الجائز كان عقده بينهم إلا ما قد سلف منهم من وجوه بالزنا عندهم، فإن نكاحهن لكم حلال، لأنهن لم يكن لهم حلائل. وإنما كان ما كان من آبائكم ومنهن من ذلك فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا. قال ابن زيد:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} الآية، قال: الزنا).
قلت: وجميعها أقوال يحتملها السياق.
وقوله:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}. المقت: البغض، وهذا يشير إلى ما يحصل من مقت الابن أباه بعد أن يتزوج بامرأته، فغالب من يتزوج بامرأة يمقت من سبقه بزواج إليها. ومنه كان تحريم أمهات المؤمنين على الأمة إضافة إلى مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وحقه ومكانته. قال عطاء:({وَمَقْتًا}: أي: يمقت الله عليه).
وقوله:{وَسَاءَ سَبِيلًا}. قال ابن كثير:(أي: وبئس طريقًا من سلكه من الناس، فمن تعاطاه بعد هذا فقد ارتد عن دينه، فيقتل ويصير ماله فيئًا لبيت المال. كما رواهُ الإمام أحمد وأهل السنن من طرق، عن البراء بن عازب، عن خاله أبي بردة - وفي رواية: الحارث بن عمرو، وفي رواية: عن عمه -[أنه بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله] (١)).
(١) حديث قوي بطرقه. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٩٧)، وأبو داود في السنن (٤٤٥٧). وأورده ابن كثير في التفسير. سورة النساء، آية (٢٢). ورواه النسائي (٦/ ١٠٩ - ١١٠).