للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرضاع المعتبر هو ما كان في الحولين، لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.

قال الإمام مالك: (ما كان من الرضاعة بعد الحولين كان قليله وكثيره لا يحرم شيئًا، إنما هو بمنزلة الماء).

والرضعة: هي أن يأخذ الصبي الثدي ويمتص اللبن منه ولا يتركه إلا طائعًا من غير عارض.

أخرج الترمذي عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يُحَرِّمُ من الرضاع إلا ما فتق (١) الأمعاء وكان قبل الفطام] (٢).

وقد اختلف الفقهاء في عدد الرضعات المحرمة:

١ - ذهب مالك وأبو حنيفة رحمهما الله إلى مطلق الرضاع.

لما روى البخاري ومسلم عن عقبة بن الحارث قال: [تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك. فقال: كيف وقد قيل؟ ... دعها عنك] (٣).

٢ - وذهب أبو ثور والإمام أحمد - في رواية عنه - إلى ثلاث رضعات. لما روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا تُحَرِّمُ المصة ولا المصتان] (٤). وفي لفظ آخر: [لا تُحرِّمُ الإملاجة ولا الإملاجتان].

ولما روى مسلم عن أم الفضل، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا تحرم الرضعة أو الرضعتان، أو المصة أو المصتان].

ومن ثمّ فإن أقله عند هؤلاء ثلاث رضعات.

٣ - وذهب الشافعي وأحمد إلى القول بخمس رضعات مشبعات.

وقد احتجوا بما روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: [كان فيما أنزل من القرآن


(١) فتق الأمعاء: أي وصلها وغذاها واكتفت به دون غيره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (١١٥٢). انظر صحيح سنن الترمذي (٩٢١). وانظر تخريج المشكاة (٣١٧٣)، والإرواء (٢٢٠٩)، وصحيح الجامع (٧٥٠٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٦٠)، كتاب الشهادات، باب شهادة المرضعة.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٥١)، والنسائي (٦/ ١٠٠)، وأحمد (٦/ ٣٤٠)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>