ومعنى الآية: تحريم نكاح الأجنبيات المحصنات، وهنّ المتزوجات، إلا ما مَلَكْتُموهُنَّ بالسبي، فإنه يحلّ لكم وطؤهن إذا اسْتَبْرَاتُموهُنّ.
وقوله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}. أي كل ما سبق تحريمه عليكم قد كتبه الله عليكم، فالزموا كتابه، وشرعه وأمره، ولا تتجاوزوا حدوده.
وقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}. قال عطاء: (أي: ما عدا مَنْ ذُكِرْنَ من المحارم، هُنَّ لكم حلال).
وقوله: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}. يعني الزواج حتى أربع، أو السراري ما شئتم، بالطريق الشرعي من حضور الولي والشاهدين وبذل المهر وإشادة النكاح.
قال مجاهد: (السفاح: الزنا). وقال السدي: ({مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}: يقول: محصنين غير زُناة).
وقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}.
قال ابن زيد: (هذا النكاح، وما في القرآن إلا نكاح. إذا أخذتها واستمتعت بها، فأعطها أجرها، الصداق).
وقد ذهب بعضهم إلى أن الآية في نكاح المتعة، وهذا على خلاف فهم الجمهور، فإن المتعة حرام إلى يوم القيامة.
روى مسلم والطبراني عن الربيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه مرفوعًا: [نهى عن المُتعة زمان الفتح متعةِ النساء، وقال: ألا إنها حرامٌ من يومِكم هذا إلى يوم القيامة] (١).
وقوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}.
قال ابن عباس: (والتراضي: أن يوفيها صداقها ثم يخيِّرها).
وقال ابن زيد: (إن وضعت لك منه شيئًا فهو لك سائغ). فالمعنى: لا حرج عليك ولا عليها إن كنت فرضت لها صداقًا فأبرأتك منه أو من بعضه.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}. أي: {عَلِيمًا} بما يصلح شؤونكم في مناكحكم أيها الناس وفي سائر أمور حياتكم، {حَكِيمًا} فيما يدبره لكم ويشرعه من أمر ونهي يخصكم.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤/ ١٣٤) , والطبراني في "المعجم الأوسط" (١/ ١٧٤/ ٢).