للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك منكم في جاهليتكم فيعفى عنه. ومن ثم فمن أسلم وتحته أختان خُيِّرَ، فيمسك منهما من شاء ويطلق الأخرى لا محالة.

أخرج أبو داود والترمذي بسند جيد عن الضحاك بن فيروز، عن أبيه قال: [أسلمت وعندي امرأتان أختان، فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أُطلِّق إحداهما] (١).

وفي لفظ: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اختر أيَّتهما شئت).

يروي ابن عبد البر في "الاستذكار" بسنده إلى إياس بن عامر قال: (سألت علي بن أبي طالب فقلت: إن لي أختين مما ملكت يميني، اتخذت إحداهما سُرِّية فولدت لي أولادًا، ثم رغبت في الأخرى، فما أصنع؟ فقال علي رضي الله عنه: تعتق التي كنت تطَأُ ثم تطأُ الأخرى. قلت: فإن ناسًا يقولون: بل تزوجها ثم تطأ الأخرى. فقال علي: أرأيت إن طلّقها زوجها أو مات عنها، أليس ترجع إليك؟ لأَنْ تَعْتِقَها أسلمُ لك. ثم أخذ عليٌّ بيدي فقال لي: إنه يَحْرُمُ عليك مما ملكت يمينك ما يَحْرُمُ عليك في كتاب الله عز وجل من الحرائر إلا العدد، أو قال: إلا الأربع، ويَحْرُم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب. ثم قال أبو عمر: هذا الحديث رحْلةٌ، لو لم يُصِب الرجل من أقصى المغرب أو المشرق إلى مكة غَيْره لما خابَتْ رحْلَتُه).

وقال الإمام مالك، عن ابن شهاب، عن قَبيصة بن ذُؤَيب: (أن رجلًا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين، هل يُجْمع بينهما؟ فقال عثمان: أحَلَّتْهُما آية وحرّمتهما آية، وما كنت لأصنع ذلك).

وقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}.

أخرج الإمام مسلم وأكثر أهل السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشًا إلى أوطاس، فلقوا عدوًا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسًا من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أَي: فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن] (٢).


(١) حديث إسناده جيد. أخرجه أبو داود (٢٢٤٣)، والترمذي (١١٢٩)، وابن ماجة (١٩٥٠)، (١٩٥١)، وأحمد (٤/ ٢٣٢)، والبيهقي (٧/ ١٨٤).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم (١٤٥٦) ح (٣٥)، والترمذي (١١٣٢) و (٣٠١٧)، والنسائي في "التفسير" (١١٧)، وأحمد (٣/ ٧٢)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>