للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة). وقال السدي فيها: ({إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً}، ليربح في الدرهم ألفا إن استطاع).

وقرأها أكثر أهل الحجاز والبصرة {تِجَارَةً}، والتقدير: إلا أن توجد تجارة، وعندها {إِلَّا أَنْ تَكُونَ} تامة لا حاجة بها إلى خبر.

وأما قراء الكوفة فقرؤوها {تِجَارَةً} بالنصب على الخبر. والتقدير: إلا أن تكون الأموال تجارة عن تراض منكم. وكلاهما قراءتان مشهورتان عند قراء الأمصار.

أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن المُتَبايعَيْن بالخيار في بيعهما ما لم يتفرّقا، أو يكون البيعُ خِيارًا] (١).

قال نافع: (وكان ابنُ عمر إذا اشترى شيئًا يُعجبه فارقَ صاحِبَه).

وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن حكيم بن حِزامٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [البَيِّعَانِ بالخِيار ما لم يتفرّقا - أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدقا وبَيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذّبا مُحِقَت بركةُ بيعهما] (٢).

وفي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [رحم الله رجلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشترى، وإذا اقتضى] (٣).

وقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}. قال السدي: (يقول: أهل ملتكم).

وقال عطاء: (قتل بعضكم بعضًا). قال ابن جرير: (يعني: ولا يقتل بعضكم بعضًا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة، ودين واحد. فجعل جل ثناؤه أهل الإسلام كلهم بعضَهم من بعض. وجعل القاتل منهم قتيلًا، في قتله إياه منهم، بمنزلة قتله نفسه، إذ كان القاتل والمقتول أهلَ يد واحدة على من خالف مِلَّتَهما).

قلت: والآية في سياقها أعم من ذلك، فإن أكل أموال المسلمين بغير حق بمثابة قتل يُعمل فيهم، وإن ارتكاب المنكرات والمحرمات والآثام وتركها تفشو في حياة


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢١٠٧)، كتاب البيوع، وأخرجه مسلم برقم (١٥٣١)، ورواه أحمد في المسند (٢/ ٧٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، كتاب البيوع، وانظر صحيح مسلم (١٥٣١)، وسنن النسائي (٧/ ٢٤٩)، وسنن البيهقي (٥/ ٢٦٩)، وصحيح ابن حبان (٤٩١٢).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٠٦٧)، كتاب البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًّا فليطلبه في عفاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>