كتاب التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

أسباب التحريم المؤبد - ثالثا: المحرمات بسبب الرضاع. - ج: 2 - ص: 230

وقال ابن جرير: (للرجال نصيب من ثواب الله وعقابه مما اكتسبوا فعملوه من خير أو شر، وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجال).

وقوله: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} فعنده خزائن السماوات والأرض، فلا يشغلكم التمني بل ليشغلكم سؤاله جل ذكره.

أخرج الطبراني بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه] (١). وفي رواية: [إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه].

وقال ليث - كما يروي ابن جرير -: {فَضْلِهِ}: (العبادة، ليس من أمر الدنيا).

وقال مجاهد: (ليس بعرض الدنيا). وقال السدي: ({وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم).

أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: [اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى] (٢).

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: [كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار] (٣).

وروى الطبراني بسند صحيح عن العرباض بن سارية، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه سر الجنة] (٤).

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. قال ابن جرير: (يقول: ذا علم. فلا تتمنوا غير الذي قضى لكم، ولكن عليكم بطاعته، والتسليم لأمره، والرضى بقضائه، ومسألته من فضله).

قلت: وقد استثنى الحديث نوعًا من التمني، يجوز للعبد في مثله، لا في تمني عين النعمة التي عليها صاحبه.

---

(١) حديث صحيح. أخرجه الطبراني بإسناد صحيح من حديث عائشة رضي الله عنها. انظر صحيح الجامع الصغير حديث رقم (٤٥٠)، وكذلك رقم (٦٠٥) للرواية الثانية.
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم وغيره من حديث ابن مسعود. انظر صحيح الجامع (١٢٨٦).
(٣) حديث صحيح. وفي لفظ مسلم: (كان أكثر دعوة يدعو بها يقول ... ). انظر مختصر صحيح مسلم (١٨٧٣). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٤) حديث صحيح. أخرجه الطبراني بإسناد صحيح من حديث العرباض. انظر صحيح الجامع (٦٠٦).