في هذه الآية: الترغيب في إعادة الوفاق بين الزوجين عند الخلاف، وسدّ السبل على الشيطان، والله يعين على الرفق والإصلاح.
قال السدي:(إن ضربها. فإن رجعت، فإنه ليس له عليها سبيل. فإن أبت أن ترجع وشاقّته، فليبعث حكمًا من أهله، وتبعث حكمًا من أهلها).
وذكر ابن جرير بسنده عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس قال:(بعثت أنا ومعاوبة حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان رضي الله عنهما بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تُفَرِّقا فرّقتما).
وقال قتادة:(إنما يبعث الحكمان ليصلحا. فإن أعياهما أن يصلحا، شهدا على الظالم بظلمه، وليس بأيديهما فرقة، ولا يُمَلّكان ذلك).
قلت: ووجه الجمع بين القولين في هذه المسألة أنّ الخطاب يشمل المسلمين والسلطان في ذلك، فأمر الله المسلمين ببعثة الحكمين عند خوف الشقاق بين الزوجين للنظر في أمرهما، فإن تعذر الإصلاح فالأمر للقاضي أو السلطان فهو الذي يفرِّق إن شاء.
وقوله:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}. قال سعيد بن جبير:(إن يرد الحكمان إصلاحًا أصلحا). وقال مجاهد:(يوفق الله بين الحكمين).
يعني: إن أخلص الحكمان وأرادا بعملهما وجه الله تعالى يسدد خطاهما للإصلاح.
وقوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}. أي:{عَلِيمًا} بما أراد الحكمان من صدق الإصلاح {خَبِيرًا} بذلك وبغيره من أمورهما وأمور العباد جميعًا، لا يخفى عليه شيء، ثم يجازي كلًّا بنيّته وعمله.