للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن أحببتم أن يحبّكم الله تعالى ورسولهُ فأدّوا إذا اؤْتمنتم، واصدُقوا إذا حدَّثتم، وأحسنوا جوار من جاوركم] (١).

وقوله: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}. قال سعيد بن جبير: (الرفيق في السفر).

وقال مجاهد: (رفيقك في السفر، الذي يأتيك ويده في يدك).

وقال ابن مسعود: (هي المرأة). قال ابن عباس: (يعني: الذي معك في منزلك).

وقال زيد بن أسلم: (هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر). وقال سعيد بن جبير: (هو الرفيق الصالح).

وكلها أقوال يحتملها البيان الإلهي، وقد أوصى سبحانه بالإحسان إلى هذا الصاحب: سواء كان المرأة في البيت أو الرفيق في السفر.

وقوله: {وَابْنِ السَّبِيلِ}. قال مجاهد: (هو الذي يمر عليك وهو مسافر).

وقال ابن عباس: (هو الضيف). وقال الربيع: (هو المارّ عليك، وإن كان في الأصل غنيًّا).

قلت: ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأن الضيف القادم عليك من سفر وإن كان غنيًّا فقد أوصى الله سبحانه بالإحسان إليه وإكرامه.

وقوله: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. قال مجاهد: (مما خوّلك الله، كل هذا أوصى الله به). فهي وصية بالأرقاء بالإحسان إليهم، فإن الرقيق ضعيف الحيلة أسير عند الناس، وقد كان من آخر كلامه عليه الصلاة والسلام في مرض موته: [الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم] (٢).

وقد امتلأت السنة الصحيحة بالتحذير من إيذاء الرقيق واستغلال ضعفه:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن المعرور بن سُويد قال: رأيت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه وعليه حُلَّةٌ وعلى غلامه حُلَّةٌ، فسألناه عن ذلك فقال: إني سابَبْتُ رَجُلًا فشكاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعَيَّرتَهُ بأمِّه؟ ثم قال: [إن إخوانكم خَوَلُكُم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ولْيُلْبِسْهُ


(١) حديث حسن. رواه الطبراني بإسناد حسن. انظر صحيح الجامع الصغير، حديث رقم، (١٤٢٢).
(٢) حديث صحيح لشواهده. انظر مسند أحمد (٣/ ١١٧)، وصحيح ابن حبان (٦٦٠٥). وله شواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>