للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (٣٨) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (٣٩)}.

في هذه الآيات: ذمّ الله تعالى أهل البخل عن الإنفاق فيما أمرهم الله، من الأرحام واليتامى والمساكين. وفضح أهل الرياء الذين حملهم عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر على فساد نياتهم. ثم التقريع عليهم بأنه ما الذي كان يمنعهم من صدق الله الإيمان والاستعداد للقائه والإنفاق في سَبيله! ! والله تعالى غني عنهم محيط بأعمالهم ونيّاتهم سواء صَدقوا أم كذبوا.

قال طاووس: (البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشحّ أن يشِح على ما في أيدي الناس. قال: يحبّ أن يكون له ما في أيدي الناس بالحِلِّ والحرام، لا يقنع).

وقال قتادة: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} وهم أعداء الله أهل الكتاب، بخلوا بحق الله عليهم، وكتموا الإسلامَ ومحمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل).

وهذا تأويل محتمل، وإن كان السياق يدل على التأويل الأول، وهو البخل بالمال.

وفي التنزيل: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل: ٨ - ١١]. وكذلك قوله تعالى في سورة التغابن: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] (١).

وله شاهد في المسند، للإمام أحمد، من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ: [إياكم والشّح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه، برقم (٢٥٧٨)، كتاب البر والصلة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ١٩٥)، والحاكم (١/ ١١)، والبيهقي (١٠/ ٢٤٣)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>