للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. تأكيد لشدة البخل المؤدي لجحود النعمة، فلا تظهر عليهم في مطعم أو ملبس أو إعطاء.

وفي التنزيل: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}.

أخرج الإمام أحمد والنسائي عن والد أبي الأحوص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إذا آتاك الله مالًا فَلْيُرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامتِه] (١).

وله شاهد عند الطبراني من حديث زهير بن أبي علقمة ولفظه: [إذا آتاك الله مالًا فَلْيُرَ عليك، فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنًا، ولا يحب البؤس ولا التباؤس] (٢).

وسببه أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل سيِّئ الهيئة، فقال: ألك مال؟ قال: نعم كل أنواع المال. قال: فَلْيُرَ عليك، فذكره ...

وله شاهد عند البيهقي في "الشعب" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله عز وجل إذا أنعم على عبدٍ نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه، ويكره البؤس والتباؤس، ويبغض السائل الملحف، ويحب الحيي العفيف المتعفف] (٣).

وقوله: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}.

قال القرطبي: (فَصَلَ تعالى تَوَعُّدَ المؤمنين الباخلين من توعد الكافرين بأن جعل الأولى عدم المحبة والثاني عذابًا مهينًا).

وقال ابن كثير: (والكفر هو الستر والتغطية، فالبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها، فهو كافر لنعم الله عليه).

وقال ابن جرير: (وجعلنا للجاحدين نعمة الله التي أنعم بها عليهم، من المعرفة بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، المكذبين به بعد علمهم به، الكاتمين نعته وصفته مَنْ أمرهم الله ببيانه له من الناس، {عَذَابًا مُهِينًا} يعني: العقاب المذل من عُذِّب بخلوده فيه، عَتادًا له في آخرته، إذا قدِمَ على ربه وَجَدَه).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٧٣)، والنسائي في السنن (٨/ ١٨٠). وانظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٢٥٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الطبراني رقم (٥٣٠٨)، ورجاله ثقات. انظر مجمع الزوائد (٥/ ١٣٢).
(٣) أخرجه البيهقي (٢/ ٢٣١/ ١) في "الشعب". وله شواهد. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>