للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنَّا مُشْرِكِينَ} فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم فلا يكتمون الله حديثًا).

٣ - وقال الزجاج: (قال بعضهم: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} مستأنف، لأن ماعملوه ظاهر عند الله لا يقدرون على كتمانه. وقال بعضهم: هو معطوف، والمعنى: يودّ لو أن الأرض سوّيت بهم وأنهم لم يكتموا الله حديثًا لأنه ظهر كذبهم).

قلت: وكلها معان يحتملها البيان الإلهي المعجز، فإن صدقوا فأعمالهم تدل عليهم، وإن كتموا وكذبوا أنطق الله جوارحهم فشهدت بما كان من مكرهم وصنيعهم وشركهم.

٤٣. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)}.

في هذه الآية: نَهْيُ الله المؤمنين أن يُصَلُّوا حالة سكرهم في تمهيد لتحريم الخمر، ولا جنبًا حتى يغتسلوا، وإباحة التيمم عند فقدان الماء.

قال مجاهد: (نُهوا أن يصلوا وهم سكارى، ثم نسخها تحريمُ الخمر).

أخرج الإمام أحمد والإمام مسلم وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال: [نزلت فيَّ أربع آيات: صنع رجل من الأنصار طعامًا، فدعا أناسًا من المهاجرين وأناسًا من الأنصار، فأكلنا وشربنا حتى سكرنا، ثم افتخرنا، فرفع رجلٌ لَحْيَ بعير ففَزَر به أنف سعد، فكان سعد مَفْزور الأنف، وذلك قبل تحريم الخمر، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ... الآية] الحديث (١).

وأخرج الترمذي بسند صحيح عن علي بن أبي طالب قال: [صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعامًا فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة، فقدّموني فقرأت {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} ونحن نعبد


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٧٤٨) ح (٣٤)، و (٤/ ١٨٧٨) ح (٤٤)، وأخرجه أبو داود (٢٠٨)، وأحمد (١/ ١٨٥ - ١٨٦)، والترمذي (٣١٨٩)، وهو جزء من حديث أطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>