للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تعبدون، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}] (١).

وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.

تحذير مما يكون حالة السكر من التخليط بالقراءة وفقدان التدبر والخشوع في الصلاة. وقد حذرت السنة النعسان المغلوب من استمرار القيام في الليل، فربما يدعو على نفسه من حيث لا يدري.

أخرج البخاري عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف فَلْيَنَمْ حتى يعلم ما يقول] (٢).

وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة: [إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع].

وفي لفظ عنده من حديث عائشة: [إذا نعس أحدكم فليرقد، حتى يذهب عنه النوم، فإنه إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه] (٣).

كما حذرت السنة من كل ما يشوش على المصلي ويشغله عن الإقبال بقلبه على الله كالجوع ومدافعة الأخبثين. ففي سنن أبي داود بسند حسن من حديث أبي هريرة قال: [لا يصلين أحدكم وهو حاقن] (٤). وروى مسلم عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافِعهُ الأخبثان] (٥). وروى عنها أيضًا مرفوعًا: [إذا حضر العَشاء وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعَشاء] (٦).

وقوله: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}.

اختلف فيه أهل التأويل على أقوال، أقربها للمعنى الصحيح الموافق للسنة الصحيحة ما يأتي:

١ - قال ابن عباس: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}، يقول: لا تقربوا الصلاة وأنتم


(١) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٢٢) - كتاب التفسير - سورة النساء، آية (٤٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢١٣)، والنسائي (١/ ٢١٥) ح (٤٤٢)، وأحمد (٣/ ١٠٠).
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٢١٢)، وصحيح مسلم (٧٨٦)، ومسند أحمد (٦/ ٥٦).
(٤) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٩١)، والحاكم (١/ ١٦٨) وصححه، ووافقه الذهبي، وله شواهد.
(٥) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح برقم (٥٦٠)، وأخرجه أبو داود في السنن برقم (٨٩).
(٦) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٧١)، (٥٤٦٥)، وأخرجه مسلم (٥٥٨)، وأحمد (٦/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>