للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُنب إذا وجدتم الماء، فإن لم تجدوا الماء فقد أحللتُ لكم أن تمسّحوا بالأرض).

٢ - وقال علي رضي الله عنه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}، قال: (إلا أن تكونوا مسافرين فلم تجدوا الماء، فتيمّموا) ذكره ابن جرير.

٣ - وقال مجاهد: (المسافر إذا لم يجد الماء فإنه يتيمّم، فيدخلُه فيصلي). وقال: (مسافرين، لا يجدون ماء فيتيممون صعيدًا طيبًا، لم يجدوا الماء فيغتسلوا).

وأما ما ذكر الحسن: (الجنب يمر في المسجد ولا يقعُد فيه)، وكذلك ما ذكر ابن مجاهد عن أبيه: (لا يمر الجنب في المسجد يتخذه طريقًا) فلا دليل على هذا المنع.

أضف إلى ذلك أن استنادهم في ذلك إلى أحاديث ضعيفة منها: [إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب] فهو ضعيف عند المحدثين، فيه أفلت العامري - مجهول - قاله الخطابي. وفيه جَسْرة. قال البخاري: عند جسرة عجائب. وفيه محدوج لم يوثق. والحديث في ضعيف سنن أبي داود.

وكذلك استنادهم لحديث: [يا علي، لا يحل لأحدٍ أن يُجْنِبَ في هذا المسجد غيري وغيرك]. أخرجه الترمذي وهو ضعيف، فيه علتان: عطية العوفي وسالم بن أبي حفصة كلاهما واهٍ.

وخلاصة المعنى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، ولا تقربوا الصلاة وأنتم جنب حتى تغتسلوا، إلا أن تكونوا عابري سبيل في سفر ولم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدًا طيبًا. وهذا هو المعنى الذي يتوافق مع السنة الصحيحة: ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: [قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ناوليني الخُمْرَة من المسجد. فقلت: إني حائض. فقال: إن حيضَتَك ليست في يدك] (١).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: [لقِيَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جُنُبٌ، فأخذ بيدي، فمَشَيْتُ معه حتى قَعَدَ، فانْسَلَلْتُ فأتيتُ الرَّحْلَ فاغْتَسَلْتُ، ثم جئت وهو قاعِدٌ فقال: أين كنتَ يا أبا هريرة؟ فقلت له: فقال: سبحان الله يا أبا هريرة! إنَّ المؤمن لا يَنْجُسُ] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٨)، وأبو داود (٢٦١)، والنسائي (١/ ١٩٢)، والترمذي (١٣٤)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (٦/ ١١٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٨٥)، كتاب الغسل. باب: الجُنُبُ يخرج ويمشي في السوق وغيره. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>