للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [الصعيد الطيّب طَهورُ المسلم، وإن لم تجد الماء عشر حِجَج، فإذا وجدت الماء فأمسَّهُ بشرتك، فإن ذلك خير] (١).

ويشهد للمعنى السابق أيضًا ما رواه الإمام أحمد عن سعيد بن منصور في سننه بسند صحيح أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك. قال سعيد بن منصور في سننه: [حدثنا عبد العزيز بن محمد - هو الدّراورْدِيُّ - عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يجلسون في المسجد وهم مُجْنِبُون، إذا توضوؤوا وُضوءَ الصلاة]. ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير، وقال: وهذا إسناد على شرط مسلم.

وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.

المرض المبيح للتيمم مع وجود الماء هو كل مرض لا ينصح معه باستعمال الماء لأنه يزيده أو يؤذي صاحبه. يروي ابن جرير بسنده عن ابن مسعود قال: (المريض الذي قد أرخص له في التيمم، هو الكسير والجريح. فإذا أصابت الجنابة الكسيرَ اغتسل، ولم يحلّ جبائره. والجريح لا يحل جراحته، إلا جراحة لا يخشى عليها).

قال ابن كثير: (أما المرض المبيح للتيمّم، فهو الذي يُخاف معه من استعمال الماء، فوات عضو أو شَيْنه أو تطويل البرء. ومن العلماء من جوز التيمّم بمجرد المرض لعموم الآية).

وقال الشافعي: (لا يجوز له التيمم مع وجود الماء إلا أن يخاف التلف)، وبه قال مالك.

قلت: وأشمل ما ذكر هو قول ابن كثير رحمه الله، فكل مرض يخشى معه من استعمال الماء بتأخر البرء أو الإفساد لبعض مناطق الجسم وأعضائه فيباح فيه التيمم.

وقوله: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ}. يجوز التيمم بسبب السفر طال أو قصر عند عدم الماء. وهو مذهب مالك.

قلت: ولا يقتصر التيمم على السفر بل يجوز في الحضر في الحالات التالية:


(١) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٣٣٢)، وأحمد (٥/ ١٥٥)، والترمذي (١٢٤)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>