للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجماع. وقالت العرب: الجماع. قال: من أيّ الفريقين كنت؟ قلت: من الموالي. قال: (غُلب فريقُ الموالي. إن اللمس والمسَّ والمباشرة: الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بما شاء).

قلت: ولا عبرة باستخدامات اللفظ المختلفة في زمن التنزيل، إنما العبرة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشريعه.

فقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن عائشة: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قَبَّلَ امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ] (١).

قال عروة: فقلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت (٢).

وروى عن عائشة: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلها ولم يتوضأ] (٣).

وله شاهد عند الإمام أحمد والنسائي عنها قالت: [كان يُقَبِّلُ بعضَ أزواجه، ثم يصلي ولا يتوضأ] (٤).

فالتقبيل مسٌّ وزيادة، وهذه الأحاديث الصحيحة تقطع الخلاف عند من نوّر الله حياته بعلم الحديث، ومن ثمَّ فاللمس المقصود بالآية بعد الاستئناس بالسنة الصحيحة هو الجماع، وهذا يوافق مرونة الشريعة ومقاصدها، فالحرج كل الحرج أن يتوضأ العبد لكل لمس عارض ليد أخته أو أمه أو زوجته أو ما يكون في طريق الناس وازدحام أسواقهم.

وقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.

منه استنبط الفقهاء القاعدة المشهورة: (إذا حضر الماء بطل التيمم).

أخرج البخاري ومسلم عن عِمْران بن حُصين: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا معتزلًا لم يصل في القوم، فقال: يا فلان، ما منعك أن تُصَلّي مع القوم؟ ألست برجل مسلم؟


(١) حديث صحيح. انظر صحيح أبي داود (١٦٥)، باب الوضوء من القُبلة.
(٢) هو عروة بن الزبير، الراوي عن عائشة وهو ابن أختها.
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (١٦٤)، الباب السابق.
(٤) حديث صحيح. رواه أحمد في المسند، والنسائي في السنن. انظر صحيح سنن النسائي (١٦٤).
ورواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي. انظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٤٨٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>