للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}. أي: عفوًا عن ذنوب عباده، ما لم يشركوا به، {غَفُورًا} فلم يزل يستر عليهم ذنوبهم كما غفر وستر عن صلاتهم في ما مضى سكارى.

٤٤ - ٤٦. قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦)}.

في هذه الآيات: فضحُ الله اليهود في تكذيبهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وقد عرفوه، وفي سلوكهم الفاسد وتعاملهم المنكر، وطردهم من رحمة الله بكفرهم.

قال قتادة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، فهم أعداء الله اليهود، اشتروا الضلالة).

والمقصود باشترائهم الضلالة: تكذيبهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتركهم الإيمان به وهم عالمون أن الواجب عليهم كما جاء في كتبهم الإيمان به.

وقوله: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}. أي: يود هؤلاء اليهود لو تكفرون بما أنزل عليكم فتشابهونهم في الضلال.

وقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}. أي: بعداوة هؤلاء اليهود ومكرهم بكم أيها المؤمنون، فاحذروا الوقوع في أهوائهم.

وقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا}. أي: حسبكم الله يحرسكم من أعداء دينكم. {وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} أي: وينصركم عليهم.

وقوله: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا}. {مِنَ} لبيان الجنس. {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي: يبدلون معناها ويغيِّرونها عن تأويله. قال مجاهد: (تبديل اليهود التوراة).

وقوله: {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}. قال ابن زيد: (قالوا: قد سمعنا، ولكن لا نطيعك). وقال مجاهد: (قالت اليهود: سمعنا ما تقول ولا نطيعك). يخاطبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>