للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} - فيه قولان:

١ - قال الحسن: (كما تقول اسمع غيرَ مسموع منك).

٢ - وقال الضحاك عن ابن عباس: (أي: اسمع ما نقول، لا سمعت)، وهذا استهزاءٌ منهم واستهتار. واختاره ابن جرير.

وقوله: {وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}.

قال ابن عباس: (فإنهم كانوا يستهزئون، ويلوون ألسنتهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويطعنون في الدين).

فهم يُوهِمون أنهم يقولون: راعنا سمعك بقولهم راعنا, وإنما يريدون الرعونة، وقد مضى الكلام في ذلك في سورة البقرة، آية (١٠٤)، وكيف يستخدمون ذلك في سب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ}.

قال ابن جرير: (ولو أن هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم، قالوا لنبي الله: سمعنا يا محمد قولك، وأطعنا أمرك، وقبلت ما جئتنا به من عند الله، واسمع منا، وانظرنا ما نقول، وانتظرنا نفهم عنك ما تقول لنا ... لكان ذلك خيرًا لهم عند الله، {وَأَقْوَمَ} يقول: وأعدل وأصوب في القول).

وقوله: {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.

المعنى: ولكن استمرارهم على صفة التكبر والمكر أبعدهم عن الله، فلا يؤمنون إيمانًا نافعًا ينجيهم، وإنما هو خليط من التشكيك والاستهزاء والكبر والغرور.

٤٧ - ٤٨. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٤٧) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)}.

في هذه الآيات: الخطاب موجه لأهل الكتاب، يأمرهم به الله سبحانه أن يؤمنوا بالقرآن الكريم المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والذي فيه تصديق ما بأيديهم من بشارات

<<  <  ج: ص:  >  >>