التوراة والإنجيل، وذلك قبل أن ينالهم ما يكرهون من طمس الوجوه واللعن وغير ذلك من أسباب الخزي والهلاك. فإن الله تعالى لا يغفر الشرك به وقد يغفر ما دون ذلك من الأعمال لمن يشاء، فالشرك أكبر الإثم وأعظم الظلم.
وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} - فيه أكثر من تفسير:
التفسير الأول: محوه آثارها حتى تصير كالأقْفاء، أو نطمس أبصَارها فنصيّرها عمياء، أوْ نجعل أبصارها من قبل أقفائها.
قال ابن عباس: (وطمسها: أن تعمى. {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}، يقول: أن نجعل وجوههم من قبل أقفِيتهم، فيمشون القهقرى، ونجعل لأحدهم عينين في قفاه).
وقال قتادة: (نحول وجوهها قبل ظهورها).
التفسير الثاني: أن نعمي قومًا عن الحق فنردهم في الضلالة والكفر.
قال مجاهد: ({أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}، فنردها عن الصراط، عن الحق، {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}، قال: في الضلالة).
وقال الضحاك: (يعني: أن نردهم عن الهدى والبصيرة، فقد ردَّهم على أدبارهم، فكفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به).
التفسير الثالث: أن نمحو آثارهم فنردهم من حيث جاؤوا من الشام.
قال ابن زيد: ({مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} قال: كان أبي يقول: إلى الشأم).
التفسير الرابع: أن نمحو آثارها فنجعل الوجوه منابت الشعر كالقردة، لأن شعور بني آدم في أدبار وجوههم.
واختار ابن جرير التفسير الأول: أي من قبل أن نطمس أبصار وجوههم ونمحو آثارها فنسويها بالأقفاء، فيمشون القهقرى، فإن السياق يقتضيه.
وقوله: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}. أي: نحولهم قردة. قاله قتادة والحسن.
وقال ابن زيد: (هم يهود جميعًا، نلعن هؤلاء كما لعنّا الذين لعنّا منهم من أصحاب السبت).