للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الرابع: أخرج الحاكم في المستدرك بسند حسن عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أهل النار ليبكون، حتى لو أُجريت السفن في دموعهم جَرَتْ، وإنهم ليبكون الدم] (١).

وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}.

هذه هي الصورة المقابلة للصورة الأولى. فجنات الخلود والنعيم والسعادة والاستقرار، وهي تجري من تحتها الأنهار، من ثواب العاملين المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح.

وقوله: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}. قال ابن عباس: (مطهرة من الأقذار والأذى).

وقال مجاهد: (مطهرةٌ من البول والحيض والنُّخام والبزاق والمني والولد).

وقال قتادة: (مطهرة من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كَلَف).

والمقصود أن الله سبحانه هيأ للمؤمنين في الجنة أزواجًا جمعن من الحسن والجمال والأدب والطهارة والفتنة والبهاء أعلى درجاته.

وقوله: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا}. أي: ظلًّا كنينًا عميقًا ممدودًا. قال تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجنة لشجرةً يسير الراكبُ الجوادَ المضمَّرَ السريع في ظلها مئة عام ما يقطعها] (٢). زاد ابن جرير في رواية عنده: (اقرؤوا إن شئتم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}).

٥٨. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)}.

في هذه الآية: أَمْرٌ من الله سبحانه بأداء الأمانات إلى أهلها، وإقامة العدل عند الحكم بين الناس، فنعم الأمر هو من المنعم الكبير السميع البصير.


(١) حديث حسن. أخرجه الحاكم (٤/ ٦٠٥). انظر السلسلة الصحيحة، حديث رقم (١٦٧٩).
(٢) حديث صحيح. وانظر صحيح البخاري (٣٢٥١) من حديث أنس، وصحيح مسلم (٢٨٢٨) من حديث أبي سعيد. وانظر اللفظ السابق في صحيح الجامع - حديث رقم (٢١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>