للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله، فيدخل بذلك الشيطان ومناهج الكهنة والسحرة وأهل المناهج الوضعية الأرضية.

وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}. أي: يمتنعون من المجيء إليك لتحكم بينهم، كما يمنعون من المصير إليك غيرهم، فيعرضون عنك كبرًا وعُلوًا.

وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}.

أي: كيف بهم يا محمد إذا نزلت بهم نقمة من الله أو مصيبة بما اكتسبوه من ذنوبهم ثم جاؤوك يعتذرون ويحلفون كذبًا وزورًا، أنهم ما ذهبوا ليتحاكموا إلى غيرك إلا مداراة ومصانعة، فإن قلوبهم معك ومع التحاكم إليك.

فقال سبحانه {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}. أي: من الكذب وإرادة التحاكم إلى الطاغوت لأنه يناسب أهواءهم وشهواتهم ومنهاج حياتهم الفاسد. {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ}. قال ابن جرير: (يقول: فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم، ولكن عظهم بتخويفك إياهم بأسَ الله أن يحلّ بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذِّرهم من مكروه ما هم عليه من الشك في أمر الله وأمر رسوله، {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}، يقول: مرهم باتقاء الله والتصديق به وبرسوله ووعده ووعيده).

٦٤ - ٦٥. قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)}.

في هذه الآيات: يخبر تعالى أن الرسل طاعتهم مرهونة بإذنه سبحانه، فلا أحد يستطيع في هذه الدنيا أن يحدث طاعة لله إلا بإذن الله ومشيئته وتوفيقه، ثم يخبر عن حال العصاة المذنبين زمن النبوة أنهم لو تواضعوا حينئذ وجاؤوك -يا محمد- لتستغفر لهم الله، لوجدوا الله توابًا غفورًا رحيمًا يحب التوبة والاستغفار والندم من المذنبين،

<<  <  ج: ص:  >  >>