للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قيل: بل عني بالاسم الموصول {الذين} المنافقين المبطئين. قال القاسمي: (أي الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة، فيكون وعظًا لهم بأن يبدلوا التثبيط بالجهاد).

وقال ابن كثير: ({فَلْيُقَاتِلْ} أي: المؤمن النافر {فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} أي: يبيعون دينهم بعَرض قليل من الدنيا، وما ذلك إلا لكفرهم وعدم إيمانهم).

وكلا المعنيين يحتملهما البيان الإلهي، والسياق القرآني.

وقوله: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [تضمّن الله لمن خرج في سبيله لا يُخرجُه إلا جهادٌ في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجِعَهُ إلى مسكنه الذي خرج منه نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة] (١).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [مثلُ المجاهد في سبيل الله -والله أعلمُ بمن يجاهدُ في سبيله- كمثل الصائم القائم، وتوكَّلَ الله للمجاهد في سبيله بأنْ يتوفّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجنة أو يَرْجِعَهُ سالمًا مع أجْرٍ أو غنيمة] (٢).

وأما حديث عبد الله بن عمرو -رواه مسلم-: [ما من غازية تَغْزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجّلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم] (٣).

فلا تعارض مع الحديث قبله، فالحديث الأول محمول على مجرّد النية والإخلاص في الجهاد، فذلك الذي ضمن الله له إما الشهادة، وإما ردّه إلى أهله مأجورًا غانمًا، ويحمل الثاني على ما إذا نوى الجهاد ولكن مع نيل المغنم، فلما انقسمت نيّته انحط أجره. ذكره القرطبي.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٣١٢٣)، (٧٤٥٧)، وأخرجه مسلم (١٨٧٦)، وأحمد (٢/ ٣٩٩). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٧٨٧)، كتاب الجهاد والسير.
وأخرجه مسلم (١٨٧٦) ح (١٠٤). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٩٠٦)، وأبو داود (٢٤٩٧)، وأحمد (٢/ ١٦٩)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>