للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}.

قال ابن جرير: "وإن ينلهم رخاء وظفر وفتح ويصيبوا غنيمة "يقولوا هذه من عند الله يعني: من قبل الله ومن تقديره، "وإن تصبهم سيئة يقول: وإن تنلهم شدة من عيش وهزيمة من عدو وجراح وألم، يقولوا لك يا محمد: "هذه من عندك"، بخطئك التدبير).

وقوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. قال ابن عباس: (يقول: الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها).

وقوله: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}. أي لا يكادون يعلمون حقيقة ما يجري حولهم في شأن الحسنات والسيئات، وقسمة الله ذلك بين عباده كالأرزاق، فمن رضي الله عنه وفقه لفعل الحسنات، ومن سخط على منهجه ذلل له فعل السيئات، والله وحده أعلم بالشاكرين.

وقوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}. المعنى: الحسنة فضل من الله ييسّرها للعبد ليرفعه عنده سبحانه، والسيئة عقاب من الله لتقصير في حياة العبد يبتعد العبد بها عن ربه.

قال ابن جريج: ({مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}، قال: عقوبةً بذنبك).

أخرج الإِمام مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما يصيب المسلمَ من نصب ولا وصب ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يُشاكُها إلا كفّر الله بها من خطاياه] (١). والنصب: التعب، والوصب: المرض.

وأخرج الطبراني بسند صحيح عن البراء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما اختلج عِرْقٌ ولا عينٌ إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر] (٢).


(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (١٧٩٨)، ومسند أحمد (٢/ ٣٠٣)، وسنن البيهقي (٣/ ٣٧٣)، وصحيح مسلم (٢٥٧٣)، وسنن الترمذي (٩٦٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (رقم ١٠٥٣)، وانظر: الصحيحة (٢٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>