للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي التنزيل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.

وقوله: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.

المعنى: وإنما جعلناك يا محمد رسولًا إلى الخلق كافة، تبلغهم رسالة ربك فيما أوحى إليك، وقد أيّدك الله بحجة الوحي وبإثباتات النبوة، فما عليك إلا البلاغ، ثم الله شهيد على أعمال عباده ومطلع على قلوبهم، وهو جامعهم بين يديه يوم يقوم الناس لرب العالمين.

٨٠ - ٨١. قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (٨٠) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١)}.

في هذه الآيات: طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجبة لأنها من طاعة الله، ولا عذر لأحد عند الله في التنكر لمنهاج نبيه وسنته وسيرته، فهو رسوله الذي دعا إلى دينه الذي ارتضى، والله محيط بما يبيِّت المنافقون والكافرون من المكر بدينه ورسوله، فتوكل عليه يا محمد، وكفى بالله وكيلًا.

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني] (١).

وقوله: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}. قال ابن زيد: (هذا أول ما بعثه، قال: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: ٤٨]. قال: ثم جاء بعد هذا بأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا).

والمقصود أن من أطاعه فقد نجا، ومن عصاه فقد خاب وخسر، فلا عليك منه يا محمد.

أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [كل أمتي يدخلون الجنة إلا


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧١٣٧)، ومسلم (١٨٣٥)، وأحمد (٢/ ٢٧٠)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>