من أبى، قيل: ومن يأبى؟ قال: من أَطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى] (١).
وقوله: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} خبر عن المنافقين يظهرون الموافقة ويقولون لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمرك طاعة، وهم الذين ذُكر أنهم يخشون الناس من الجهاد كخشية الله أو أشد خشية.
وقوله: {فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}.
أي: إذا خرجوا من لقائك غيّر جماعة منهم ليلًا الذي تقول لهم. قال قتادة: (يغيّرون ما عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم -). وقال ابْن عباس: (غَيَّرَ أولئك ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -).
وقوله: {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ}، أي: ما يقولون ويغيرون. قال الضحاك: (هم أهل النفاق). وقال ابن جرير: (والله يكتب ما يغيرون من قولك ليلًا في كُتب أعمالهم التي تكتبها حفظتُه).
وقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.
إرشاد من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصفح عنهم وعدم مكاشفتهم، والاعتصام بالله سبحانه وكفى به منتقمًا منهم، ودافعًا عنك ووليًّا وناصرًا ومعينًا.
٨٢ - ٨٣. قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (٨٣)}.
في هذه الآيات: يرشد تعالى هؤلاء ويأمرهم بِتَدَبُّرِ هذا الكتاب وتفهم معانيه، ويحذرهم مغبة الإعراض عنه، فإنه لو كان مفتعلًا لوجدوا فيه اضطرابًا كثيرًا. ثم يحذر سبحانه من الإشاعة الكاذبة وبث الأخبار بيّن المسلمين دون تثبت من مصادرها ونقلتها، وأنهم لو ردوها إلى عالميها لكان خيرًا لهم من بثها وخلخلة الصفوف بها، وتدخل الشيطان في محاولات الإفساد والتخريب لمجتمع المسلمين.
فعن قتادة: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}
(١) حديث صحيح. رواه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٧٢٨٠)، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.