للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى احمرَّ وجهه يرميهم بالتراب ويقول: مهلًا يا قوم، بهذا أُهْلِكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكَذّبُ بعضه بعضًا، إنما نزل يُصَدِّقُ بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردّوه إلى عالمه] (١).

وله شاهد عند ابن ماجه بسند حسن عنه قال: [خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، والناس يتكلمون في القدر، فكأنما يُفْقَأ في وجهه حَبُّ الرمّان من الغضب. قال: فقال لهم: ما لكم تَضْرِبُون كتاب الله بعضه ببعض؟ بهذا هلك من كان قبلكم. قال: فما غَبَطْتُ نفسي بمجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس، أني لم أشهده] (٢).

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: [هَجَّرْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فإنّا لجلوسٌ إذ اختلف اثنان في آية، فارتفعت أصواتهما فقال: إنما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب] (٣).

ب- في أمر الواقع وفقهه

أخرج البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله حَرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأدَ البنات، ومَنَعَ وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال] (٤).

فقوله: "وكره لكم قيل وقال" يشمل إشاعة الأخبار بين الناس دون تثبت من صحتها، ودون الرجوع إلى مصادرها، وسؤال أهل العلم فيها وبمدلولاتها.

وقوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}.

يعني بفضل الله ورحمته كان حفظ المؤمنين من اتباع سبيل المنافقين والشياطين.

قال ابن زيد: (هذه الآية مقدَّمة ومؤخرة، إنما هي: أذاعوا به إلا قليلًا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير).


(١) حديث حسن. أخرجه أحمد (٢/ ١٨١) ح (٦٦٦٣)، وله شواهد.
(٢) حديث حسن. أخرجه ابن ماجه (٨٥)، وأحمد (٢/ ١٧٨). وانظر صحيح ابن ماجه (٦٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٦٦)، وأحمد (٢/ ١٩٢)، والنسائي في الكبرى (٨٠٩٥).
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٠٨)، كتاب الاستقراض، وكذلك (٥٩٧٥)، وأخرجه مسلم (٣/ ١٣٤١) ح (١٤)، وأحمد (٤/ ٢٣٣)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>