في هذه الآيات: أَمْرٌ مِنَ الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بمجاهدة المشركين أعداء الله وقتالهم، ثم لا عليك يا محمد بمن نكل عنك، وإنما عليك أن تحرض المؤمنين وتحثهم على قتال الكفار لعل الله أن يكف قتال من جحد وعاند، والله أشد نكاية في عدوه من هؤلاء الكفار في المؤمنين. ثم إن من يسعى في أمر فيترتب عليه خير يناله من ذلك نصيب، ومن يسعى في أمر يترتب منه شر يناله من ذلك الوزر والله حفيظ على كل ذلك. ثم مَن سلم عليكم فردوا عليه بمثل ما سلم أو أحسنوا والله حفيظ كذلك على كل ذلك. فهو إلإله المعبود وحده لا شريك له ليبعثنكم بعد مماتكم وليحشرنكم جميعًا إلى موقف الحساب فهو وعْدُه، ومن أصدق من الله حديثًا.
أخرج الإِمام أحمد بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: [قلت للبراء: الرجلُ يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التَّهلُكة؟ قال: لا، إن الله بعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقال:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}، إنما ذلك في النفقة] (١).
وقوله:{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}. أي: وحضهم على قتال من أمرت بقتاله.
وقد امتلأت السنة الصحيحة بكنوز في الحث على الجهاد والترغيب بأجره ومقامه.
الحديث الأول: أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى ألزكاة، وصام رمضان، كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي وُلد فيها. قالوا:
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٨١) بإسناد صحيح. وله شاهد آخر ذكره ابن كثير.