للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رأسه فقال له النبي : "يا فلان قل: لا إله إلا الله" فنظر إلى أبيه فسكت أبوه، فأعاد عليه النبي ، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله [وأنك رسول الله] (١)، فخرج النبي وهو يقول: "الحمد لله الذي أخرجه بي من النار" رواه البخاري في الصحيح (٢)، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢)﴾.

هذا ذمٌّ من الله تعالى لأهل الكتاب فيما ارتكبوه من المآثم والمحارم في تكذيبهم بآيات الله، قديمًا وحديثًا، التي بلغتهم (٣) إياها الرسل استكبارًا عليهم، وعنادًا لهم، وتعاظمًا على الحق، واستنكافًا عن اتباعه، ومع هذا قتلوا من قتلوا من النبيين حين بلغوهم عن الله شرعه بغير سبب ولا جريمة منهم إليهم، إلا لكونهم دعوهم إلى الحق ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾ وهذا هو غاية الكبر، كما قال النبي : "الكبر بطر الحق وغمط الناس" (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا - أبو الزبير الحسن بن علي (٥) بن مسلم النيسابوري نزيل مكة، حدثني أبو حفص عمر بن حفص - يعني ابن ثابت بن زرارة الأنصاري -، حدثنا محمد بن حمزة، حدثنا أبو الحسن مولى لبني أسد، عن مكحول، عن أبي قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، عن أبي عبيدة بن الجراح ، قال: قلت: يا رسول الله، أي: الناس أشد عذابًا يوم القيامة؟ قال: "رجل قتل نبيًا أو مَنْ أمرَ بالمعروف ونهى عن المنكر" ثم قرأ رسول الله ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١)﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾، ثم قال رسول الله : "يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة وسبعون رجلًا من بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوهم جميعًا من آخر النهار من ذلك اليوم، فهم الذين ذكر الله ﷿" (٦). وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عبيد الوصابي (٧) محمد بن حفص، عن ابن حُمَير، عن أبي الحسن مولى بني أسد، عن مكحول به (٨).


(١) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) والتخريج.
(٢) الصحيح، الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ (ح ١٣٥٦)، والحديث أخرجه الإمام أحمد بسنده متنه (المسند ٣/ ١٧٥).
(٣) كذا في (عف) و (ح) و (حم)، وفي الأصل: "بلغتها" وهو تصحيف.
(٤) صحيح مسلم، الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه (ح ١٤٨).
(٥) كذا في (عف) و (ح) و (حم) والتخريج وفي الأصل: "الزبير بن الحر بن علي" وهو تصحيف.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده أبو الحسن مولى لبني أسد وهو: مجهول (الجرح والتعديل ٩/ ٣٥٧).
(٧) كذا في (عف) و (ح)، و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل: "الرصافي"، وهو تصحيف.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وحكمه كسابقه.