للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حقًّا، ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي [من] (١) جحد ما أنزل الله في كتابه ﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي: فإن الله سيجازيه على ذلك ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه.

ثم قال تعالى: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ﴾ أي: جادلوك في التوحيد ﴿فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ أي: فقل: أخلصت عبادتي لله وحده لا شريك له ولا ند له، ولا ولد له، ولا صاحبة له، ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ على ديني يقول كمقالتي، كما قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)[يوسف] ثم قال تعالى آمرًا لعبده ورسوله محمد أن يدعو إلى طريقته ودينه والدخول في شرعه وما بعثه الله به، الكتابيين من الملتين والأميين من المشركين، فقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ﴾ أي: والله عليه حسابهم وإليه مرجعهم ومآبهم، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وله الحكمة البالغة، والحجة البالغة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ أي: هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)[الأنبياء] وما ذلك إلا لحكمته ورحمته، وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق كما هو معلوم من دينه ضرورة، وكما دل عليه الكتاب والسنة في (٢) غير ما آية وحديث، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)[الفرقان].

وفي الصحيحين وغيرهما مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة أنه بعث كتبه يدعو إلى الله ملوك الآفاق وطوائف بني آدم من عربهم وعجمهم كتابيهم وأميهم (٣) امتثالًا (٤) لأمر الله له بذلك، وقد روى عبد الرزاق عن معمر، عن همّام، عن أبي هريرة، عن النبي أنه قال: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأُمة: لا يهودي ولا نصراني، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار" رواه مسلم (٥)، وقال : "بعثت إلى الأحمر والأسود" (٦).

وقال: "كان النبي يُبعث إلى قومه [خاصة] (٧) وبُعثت إلى الناس عامة" (٨).

وقال الإمام أحمد: حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس : أن غلامًا يهوديًا كان يضع للنبي وضوءه، ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبي دخل عليه وأبوه قاعد عند


(١) لفظ: "من" سقط من الأصل وهو مثبت في (عف) و (ح) و (حم).
(٢) كذا في (عف) و (حم) و (ح) وفي الأصل: "من".
(٣) ينظر: صحيح البخاري، كتاب العلم، باب ما يذكر في المناولة (ح ٦٤، ٦٥)، وصحيح مسلم كتاب اللباس والزينة (ح ٢٠٩٢).
(٤) كذا في (عف) و (حم) و (ح) والتخريج، وفي الأصل: "إما".
(٥) صحيح مسلم، الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد (ح ١٥٣).
(٦) أخرجه مسلم من حديث جابر (الصحيح، المساجد، ح ٥٢١).
(٧) سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم).
(٨) أخرجه البخاري من حديث جابر (الصحيح، التيمم، باب ١ ح ٣٣٥).