للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي: تعطي من شئت من المال ما لا يعده ولا يقدر على إحصائه، وتقتِّر على آخرين لما لك في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة والعدل.

قال الطبراني: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا جعفر بن جسر بن فرقد، حدثنا أبي، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس ، عن النبي ، قال: "اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)﴾ " (١).

﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)﴾.

نهى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ أي ومن يرتكب نهي الله [في هذا] (٢) فقد بريء من الله، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤)[النساء] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)[المائدة] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ … ﴾ إلى أن قال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: ١]، وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين للمؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)[الأنفال]، وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتاقيهم (٣) بظاهره لا بباطنه ونيته، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء: أنه قال: "إنا لنكشِّر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" (٤).

وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التُقية بالعمل إنما التُقية باللسان (٥)، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس: إنما التُقية باللسان (٦)، وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس (٧). ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ


(١) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١٢/ ١٧١)، وفى سنده جعفر بن جسر بن فرقد يروي المناكير (لسان الميزان ٢/ ١١١ - ١١٢).
(٢) سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم).
(٣) في الأصل غير منقوطة، ونقطت من (عف) و (ح) و (حم).
(٤) أخرجه البخاري تعليقًا (الصحيح، الأدب، باب المداراة مع الناس). وقد روي من طرق ضعيفة ذكرها الحافظ ابن حجر (الفتح ١٠/ ٥٣٨).
(٥) أخرجه الطبري من طريق الثوري عن ابن جريج عمن حدثه عن ابن عباس، وسنده ضعيف، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الثوري عن ابن عباس وسنده منقطع.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس ويشهد له الآثار التالية.
(٧) قول أبي العالية والربيع بن أنس أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد، وقول أبي الشعثاء، وهو جابر بن زيد،=