للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)[النحل].

وقال البخاري: قال الحسن: التقية إلى يوم القيامة (١).

ثم قال تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه، وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: [إليه] (٢) المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن أبي حسين، عن عبد الرحمن بن سابط (٣)، عن عمرو بن ميمون، قال: قام فينا معاذ بن جبل، فقال: يا بني أود، إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الجنة أو إلى النار (٤).

﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)﴾.

يخبر عباده أنه يعلم السرائر والضمائر والظواهر، وأنه لا يخفى عليه منهم خافية، بل علمه محيط بهم في سائر الأحوال والآنات واللحظات وجميع الأوقات (٥)، وجميع ما في الأرض والسموات لا يغيب عنه مثقال ذرة، ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: وقدرته نافذة في جميع ذلك، وهذا تنبيه لعباده على خوفه وخشيته لئلا يرتكبوا ما نهى عنه وما يبغضه منهم، فإنه عالم بجميع أمورهم، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة، وإن أنظر من أنظر منهم، فإنه يمهل، ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، ولهذا قال بعد هذا: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾، يعني: يوم القيامة يحضر للعبد جميع أعماله من خير ومن شر، كما قال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣)[القيامة] فما رأى من أعماله حسنًا سرَّه ذلك وأفرحه، وما رأى من قبيح ساءه وغاظه وود لو أنه تبرأ منه وأن يكون بينهما أمد بعيد، كما يقول لشيطانه الذي كان مقترنًا به في الدنيا، وهو الذي جرأه على فعل السوء ﴿يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ [الزخرف: ٣٨]، ثم قال تعالى مؤكدًا ومهددًا ومتوعدًا ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾


= والضحاك ذكرهما ابن أبي حاتم بحذف السند.
(١) أخرجه البخاري تعليقًا الصحيح، الإكراه، الباب الأول، وقد وصله عبد بن حميد وابن أبي شيبة من طريق عوف الأعرابي عن الحسن (الفتح ١٢/ ٣١٤)، وإسناد عبد بن حميد، عن روح، عن عوف الأعرابي به، (تغليق التعليق ٥/ ٢٦٠)، وسنده صحيح.
(٢) "إليه": سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم).
(٣) كذا في (عف) و (ح) و (حم) والتخريج، وفي الأصل: "بلفظ ابن ساقط" وهو تصحيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وسنده حسن.
(٥) في الأصل: "في سائل الأحوال واللحظات في جميع الأوقات" والمثبت من (عف) و (ح) و (مح).