للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحاث، أن دراجًا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ، قال: "كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة" (١). ورواه ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن دراج به (٢)، وفيه نكارة (٣).

وقال مجاهد: كانت مريم تقوم حتى تتورم كعباها (٤).

والقنوت: هو طول الركود في الصلاة، يعني امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾.

قال الحسن: يعني أعبدي لربك (٥). ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين﴾ أي: كوني منهم.

وقال الأوزاعي: ركدت في محرابها راكعة وساجدة وقائمة، حتى نزل الماء الأصفر في قدميها (٦)، . [وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمتها من طريق محمد بن يونس الكديمي، وفيه مقال: حدثنا علي بن بحر بن بري، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، في قوله: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي﴾ قال: سجدت حتى نزل الماء الأصفر في عينيها (٧). وذكر ابن أبي الدنيا: حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب، قال: كانت مريم ، تغتسل في كل ليلة] (٨).

ثم قال تعالى لرسوله بعدما أطلعه على جلية الأمر: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ أي: نقصه عليك ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ أي: ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عنهم معاينة عما جرى، بل أطلعك الله على ذلك كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها، وذلك لرغبتهم في الأجر.

قال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة، أنه أخبره عن عكرمة، وأبي بكر، عن عكرمة، قال: ثم خرجت بها - يعني: أُم مريم بمريم - تحملها، في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى ، قال: وهم يومئذٍ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة، فإني حررتها، وهي أنثى، ولا يدخل الكنيسة حائض، وأنا لا أردّها إلى بيتي، فقالوا: هذه ابنة إمامنا، وكان عمران يؤمهم في الصلاة، وصاحب قرباننا، فقال زكريا: ادفعوها لي فإن خالتها تحتي، فقالوا: لا تطيب أنفسنا، هي ابنة إمامنا، فذلك حين اقترعوا عليها بأقلامهم التي يكتبون بها التوراة، فقرعهم زكريا فكفلها (٩).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفيه دراج وروايته عن أبي هيثم ضعيفه كما في التقريب.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وحكم عليه الحافظ ابن كثير.
(٣) كذا في (عف) و (ح) و (حم)، وفي الأصل: "مكابرة" وهو تصحيف.
(٤) أخرجه الثوري بسند حسن من طريق الحكم بن عتيبة عن مجاهد (التفسير ص ٣٦).
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عباد بن منصور عنه.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عمرو بن أبي سلمة عنه.
(٧) تاريخ دمشق، تراجم النساء ص ٣٦٩. وحكم على سنده الحافظ ابن كثير بقوله: وفيه مقال.
(٨) ما بين معقوفين زيادة من (ح) و (حم).
(٩) هذه الرواية تقدمت في تفسير الطبري عند الآية ٣٧ (تفسير الطبري ٦/ ٣٥١ رقم ٦٩٠٩) وفيها الحسين وهو =