للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المقدم والمؤخر، تقديره إني رافعك إليّ ومتوفيك، يعني بعد ذلك (١).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: إني متوفيك، أي: مميتك (٢).

وقال محمد بن إسحاق، عمَّن لا يتهم، عن وهب بن منبه، قال: توفّاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه إليه (٣). قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفّاه سبع ساعات، ثم أحياه.

وقال إسحاق بن بشر، عن إدريس عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه.

وقال مطر الوراق: متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت (٤)، وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه، وقال الأكثرون: المراد بالوفاة ههنا (٥) - النوم، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [الأنعام: ٦٠]. وقال تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)[الزمر]، وكان رسول الله ، يقول إذا قام من النوم: "الحمد الله الذي أحيانا بعدما أماتنا … " (٦) الحديث. وقال تعالى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ [وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾] (٧) إلى قوله: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ (٨) بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء].

والضمير في قوله: ﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ عائد على عيسى ، أي: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة على ما سيأتي بيانه، فحينئذٍ يؤمن به أهل الكتاب كلهم، لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾: يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه. قال الحسن: قال رسول الله [لليهود] (٩): "إن عيسى لم يمت، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة" (١٠).

وقوله تعالى: ﴿وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: برفعي إياك إلى السماء ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ وهكذا وقع فإن المسيح ، لما رفعه الله إلى السماء،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق سعيد بن بشير عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم، بسند ثابت عنه.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق به.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبد الله بن شوذب عن مطر.
(٥) أخرجه الطبري بسند جيد عن الربيع بن أنس، وأخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن ابن جريج.
(٦) أخرجه البخاري من حديث حذيفة (الصحيح، الدعوات، باب ما يقول إذا أصبح ح ٦٣٢٥).
(٧) ما بين قوسين زيادة من (عف).
(٨) كذا في (عف) و (ح) و (حم)، وفي الأصل: "سيومنن" وهو تصحيف.
(٩) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) وتفسير ابن أبي حاتم.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وتفسير الحسن إسناده حسن، وروايته عن النبي مرسلة.