للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قلت): وهذا الشك الذي حصل لأُبي في تلك الساعة هو - والله أعلم - السبب الذي لأجله قرأ عليه رسول الله قراءة (إبلاغ وإعلام) (١) ودواء لما كان حصل له سورة ﴿لَمْ يَكُنِ (الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ). . .﴾ إلى آخرها [البينة: ١] (٣)، لاشتمالها على قوله تعالى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)[البينة] وهذا نظير تلاوته سورة الفتح حين أنزلت مرجعه () (٤) من الحديبية على عمر بن الخطاب، وذلك لما كان تقدم له من الأسئلة لرسول الله (ثم) (٥) لأبي بكر الصديق، وفيها قوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٧].

وقال ابن جرير (٦): حدثنا محمد بن مثنى، حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أُبي بن كعب أن رسول الله كان عند إضاة بني غفار، فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، قال: "أسأل الله معافاته ومغفرته فإن أمتي لا تطيق ذلك" قال: ثم أتاه الثانية، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، قال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، إن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، قال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، إن أمتي لا تطيق ذلك" ثم جاءه الرابعة فقال: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا".

وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من رواية شعبة به.

وفي لفظ لأبي داود (٧)، عن أُبي بن كعب قال: قال (لي) (٨) رسول الله : "إني أقرئت القرآن، (فقيل) (٩) لي: على حرف أو حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قل: على حرفين، فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل: على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعًا عليمًا عزيزًا حكيمًا ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب".

وقد روى ثابت (١٠) بن قاسم نحوًا من هذا عن أبي هريرة (١١)، عن النبي ومن كلام ابن مسعود نحو ذلك.


(١) في (أ): "إعلام وإبلاغ".
(٢) ساقط من (أ).
(٣) ساقط من (ط).
(٤) ساقط من (أ).
(٥) في (أ): "و".
(٦) صحيح وهو في "تفسيره" رقم (٣٥).
وأخرجه مسلم (٨٢١/ ٢٧٤).
(٧) أخرجه أبو داود (١٤٧٧) من طريق سليمان بن صرد، عن أُبي بن كعب، ويأتي تخريجه قريبًا.
(٨) ساقط من (أ).
(٩) في (ج): "قيل".
(١٠) كذا في "الأصول" كلها، وليس هو، كما يتبادر، التابعي الذي يروى الحديث عن أبي هريرة، ولكنه كما يبدو لي أحد العلماء المصنفين، وقد روى الحديث بسنده إلى أبي هريرة في "مصنفه"، ويقع لي، والله أعلم، أنه: "قاسم بن ثابت السرقسطي" صاحب كتاب "الدلائل" في غريب الحديث، فلعل اسمه انقلب على المصنف أو الناسخ، فإن كان ذلك كذلك، وإلا فليحرر. والعلم عند الله تعالى.
(١١) حسن. =