للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل، ونحو ذلك من الأقوال فقد علمت قائل ذلك عن سلف الأمة وخيار الأئمة؟

قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرها هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفًا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه، والذي قالوا من ذلك كما قالوا، وقد روينا بمثل الذي قالوا من ذلك عن رسول الله وعن جماعة من الصحابة من أنه نزل من سبعة أبواب الجنة كما تقدم".

يعني كما تقدم في رواية (عن) (١) أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة.

قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهى استوجب به الجنة.

ثم بسط (٢) القول في هذا بما حاصله أن الشارع رخص للأمة التلاوة على سبعة أحرف.

ثم لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم. جمعهم على حرف واحد، وهو هذا المصحف الإمام. قال: واستوسقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة، التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له، ونظرًا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأُمة معرفتها، (وتعفت) (٣) آثارها. فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها - إلى أن قال:

فإن قال من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله وأمرهم بقراءتها؟

قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضًا عليهم لوجب أن يكون العمل بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر ويزيل الشك من قراءة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، - إلى أن قال:- فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي : "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر في قول أحد من علماء الأمة. وقد أوجب بالمراء في الأحرف السبعة الكفر كما تقدم (٤).


(١) ساقط من (أ).
(٢) (١/ ٥٧ - ٦٧) فأطنب وأطاب رحمه الله تعالى، ورضي عنه.
(٣) في (أ): "وانعفت".
(٤) هذا كله من كلام ابن جرير، لم ينقله المصنف بلفظه، بل تصرف فيه.