للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ أي: عنده حسن الجزاء لمن عمل صالحًا.

قال ابن أبي حاتم: ذُكر عن [دحيم] (١) بن إبراهيم قال: قال الوليد بن مسلم: أخبرني حَريز بن عثمان، أن شداد بن أوس كان يقول: يا أيها الناس، لا تتهموا الله في قضائه، فإنه لا يبغي على مؤمن، فإذا أنزل بأحدكم شيء مما يحب، فليحمد الله، وإذا أنزل به شيء مما يكره، فليصبر وليحتسب، فإن الله عنده حسن الثواب (٢).

﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨)﴾.

يقول تعالى: لا تنظر إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه من النعمة والغبطة والسرور، فعما قليل يزول هذا كله عنهم ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة، فإنما نمد لهم فيما هم فيه استدراجًا، وجميع ما هم فيه ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)﴾ وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤)[غافر]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)[يونس]، وقال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)[لقمان] وقال تعالى: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)[الطارق] أي: قليلًا، وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)[القصص]

وهكذا لما ذكر حال الكفار في الدنيا وذكر أن مآلهم إلى النار، قال بعده: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ أي ضيافة من عند الله ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨)﴾.

وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا أبو طاهر سهل بن عبد الله، أنبأنا هشام بن عمار، أنبأنا سعيد بن يحيى، أنبأنا عبيد الله بن الوليد [الوصافي] (٣)، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي قال: "إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقًّا كذلك لولدك عليك حق" كذا رواه ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن جناب، حدثنا عيسى بن يونس، عن عبد الله بن الوليد [الوصافي] (٤).

عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال: إنما سماهم الله أبرارًا لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقًّا كذلك لولدك عليك حق (٥)، وهذا أشبه، والله أعلم.

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدستوائي، عن


(١) كذا في تفسير ابن أبي حاتم و (عف) و (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "رحيم" وهو تصحيف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، ورجاله ثقات لكنه معلق.
(٣) (٤) كذا في (عف) و (ح) و (حم) و (مح) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل: "الرصافي" وهو تصحيف.
(٥) رواية ابن مردويه وابن أبي حاتم فيها عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو ضعيف (التقريب ١/ ٥٤٠)، وأخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه.