للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا … ﴾ الآية [المائدة: ٨٢ - ٨٥]، وهكذا قال ههنا: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

وقد ثبت في الحديث أن جعفر بن أبي طالب ، لما قرأ سورة ﴿كهيعص (١)[مريم] بحضرة النجاشي ملك الحبشة وعنده البطاركة والقساوسة، بكى وبكوا معه حتى أخضبوا لحاهم.

وثبت في الصحيحين أن النجاشي لما مات نعاه النبي إلى أصحابه وقال: "إن أخًا لكم بالحبشة قد مات، فصلوا عليه" فخرج إلى الصحراء فصفّهم وصلّى عليه (١).

وروى ابن أبي حاتم والحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: لما توفي النجاشي قال رسول الله : "استغفروا لأخيكم" فقال بعض الناس: يأمرنا أن نستغفر لعلج مات بأرض الحبشة، فنزلت: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ … ﴾ الآية (٢)، ورواه [عبد بن حميد و] (٣) ابن أبي حاتم من طريق أخرى عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن (٤) عن النبي ، ثم رواه ابن مردويه من طرق عن حميد، عن أنس بن مالك، بنحو ما تقدم (٥) ورواه أيضًا ابن جرير من حديث أبي بكر الهذلي، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن جابر، قال: قال رسول الله حين مات النجاشي: "إن أخاكم أصحمة قد مات"، فخرج رسول الله فصلى كما يصلي على الجنائز فكبر عليه أربعًا، فقال المنافقون: يصلي على علج مات بأرض الحبشة، فأنزل الله ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٩٩)(٦) وقال أبو داود (٧): حدثنا محمد بن عمرو الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة ، قالت: لما مات النجاشي كنا نحدث أنه لا يزال يرى على قبره (٨) نور.


(١) صحيح البخاري، الجنائز، باب الصفوف على الجنازة (ح ١٣٢٠)، وصحيح مسلم، الجنائز، باب في التكبير على الجنازة (ح ٩٥١).
(٢) أخرجه ابن حاتم من طريق أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة عن مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به، وأحمد هذا ضعيف الحديث (الجرح والتعديل ٢/ ٧١) وله متابعات وشواهد ترقيه إلى درجة الحسن لغيره. وقد سردتها في تحقيقي لتفسير ابن أبي حاتم.
(٣) الزيادة من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٤) أخرجه النسائي من طريق حميد وعن الحسن (التفسير ١/ ٣٥٩ ح ١٠٩) وسنده مرسل.
(٥) أخرجه النسائي من طريق حميد به (التفسير ١/ ٣٥٨ ح ١٠٨) وصححه محققوه.
(٦) أخرجه الطبري من طريق أبي بكر الهذلي به، وسنده ضعيف بسبب أبي بكر متروك كما في التقريب.
(٧) رواية أبي داود تقدمت رواية الحاكم في (عف) و (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل جاءت بعد رواية الحاكم.
(٨) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الجهاد، باب في النور يرى عند قبر الشهيد ح ٢٥٢٣)، وسنده حسن.