للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روى الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه: أنبأنا أبو العباس السياري بمرو، حدثنا عبد الله بن علي الغزال، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا ابن المبارك، حدثنا مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: نزل بالنجاشي عدو من أرضهم، فجاءه المهاجرون، فقالوا: إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك وترى جرأتنا ونجزيك بما صنعت بنا، فقال: لا، دواء بنصرة الله ﷿ خير من دواء بنصرة الناس، قال: وفيه نزلت ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (١).

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يعني: مسلمة أهل الكتاب (٢).

وقال عباد بن منصور: سألت الحسن البصري عن قول الله: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ … ﴾ الآية، قال: هم أهل الكتاب الذين كانوا قبل محمد فاتبعوه، وعرفوا الإسلام فأعطاهم الله تعالى أخبر اثنين: للذي كانوا عليه من الإسلام من قبل محمد ، وبالدين الذي اتبعوا محمدًا (٣)، رواهما ابن أبي حاتم.

وقد ثبت في الصحيحين عن أبي موسى، قال: قال رسول الله : "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين" فذكر منهم: ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي (٤).

وقوله تعالى: ﴿لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أي: لا يكتمون ما بأيديهم من العليم كما فعله الطائفة المرذولة منهم، بل يبذلون ذلك [مجانًا] (٥)، ولهذا قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

قال مجاهد: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ يعني: سريع الإحصاء، رواه ابن أبي حاتم (٦) وغيره.

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ [قال الحسن البصري : أمروا أن يصبروا] (٧) على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام، فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء، حتى يموتوا مسلمين، وأن يصابروا الأعداء الذين يَملّون دينهم (٨)، وكذا قال غير واحد من علماء السلف، وأما المرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات، وقيل: انتظار الصلاة بعد الصلاة، قاله ابن عباس وسهل بن حنيف ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم (٩)، وروى ابن أبي حاتم ههنا الحديث الذي رواه مسلم والنسائي من حديث مالك بن أنس، عن العلاء بن


(١) أخرجه الحاكم بسنده ومتنه وتعليقه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٠٠).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق شبل عن ابن أبي نجيح به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم مختصرًا بسند حسن من طريق أبي بكر الحنفي عن عباد به.
(٤) صحيح البخاري، العلم، باب تعليم الرجل أمته (ح ٩٧)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد (ح ١٥٤).
(٥) كذا في (عف) و (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "حجابًا" وهو تصحيف.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) سقط في الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن.
(٩) سيأتي ذكره مرفوعًا وموقوفًا في الروايات التالية.