للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة وعطاء والحسن وعبد الله بن كثير: نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا (١).

وقال السدي: نزلت في الفتيان من قبل أن يتزوجوا (٢).

وقال مجاهد: نزلت في الرجلين إذا فعلا (٣) - لا يكنى، وكأنه يريد اللواط (٤) - والله أعلم.

وقد روى أهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : "من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (٥).

وقوله: ﴿فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا﴾ أي: أقلعا ونزعا عما كانا عليه وصلحت أعمالها وحسنت، ﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾ أي: لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. وقد ثبت في الصحيحين "إذا زنت أمة أحدكم، فليجلدها الحد ولا يثرب عليها" (٦). أي: ثم لا يعيرها بما صنعت بعد الحد الذي هو كفارة لما صنعت.

﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)﴾.

يقول الله تعالى: إنما يتقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهالة ثم يتوب ولو قبل معاينة الملك ليقبض روحه قبل الغرغرة.

قال مجاهد وغير واحد: كل من عصى الله خطأً أو عمدًا، فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب (٧).

وقال قتادة، عن أبي العالية أنه كان يحدث أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو جهالة، رواه ابن جرير (٨).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: اجتمع أصحاب رسول الله فرأوا أن كل شيء عصي الله به، فهو جهالة عمدًا كان أو غيره (٩).


(١) هذه الأقوال أخرجها الطبري بأسانيد ضعاف، ويشهد لها ما تقدم من روايات.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٣) أخرجه الطبري بإسنادين أحدهما صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) كذا في النسخ التي بين يدي والمراد: "اللواط".
(٥) أخرجه أبو داود (السنن، الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط ح ٤٤٦٢)، والترمذي (السنن، الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي ح ١٤٥٦)، والنسائي بنحوه (السنن الكبرى، الرجم، باب من عمل عمل قوم لوط ح ٧٣٣٧)، وابن ماجه (السنن، الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط ح ٢٥٦١)، كلهم من طريق عمرو بن أبي عمرو به، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن أبي داود ح ٣٧٤٥).
(٦) صحيح البخاري، الحدود، باب لا يثرب على الأمَة إذا زنت (ح ٦٨٣٩)، وصحيح مسلم الحدود، باب رجم اليهود، أهل الذمة في الزنى (ح ١٧٠٣).
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٨) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
(٩) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن قتادة لكنه مرسل لأنه لم يسمع إلا من أنس .