للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة، أن رسول الله كان إذا نزل عليه الوحي، عُرف ذلك في وجهه، فلما أُنزلت ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ فلما ارتفع الوحي قال رسول الله : "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة" (١). وقد روى الإمام أحمد أيضًا هذا الحديث عن وكيع بن الجراح، حدثنا الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حُرَيث، عن سلمة بن المحبق، قال: قال رسول الله : "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" (٢). وكذا رواه أبو داود مطولًا من حديث الفضل بن دلهم، ثم قال: وليس هو بالحافظ، كان قصابًا بواسط.

(حديث آخر) قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا عباس بن [حمدان] (٣)، حدثنا أحمد بن داود، حدثنا عمرو بن عبد الغفار، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن أُبي كعب، قال: قال رسول الله : "البكران يجلدان وينفيان، والثيبان يجلدان ويرجمان، والشيخان يرجمان" (٤) هذا حديث غريب من هذا الوجه.

وروى الطبراني من طريق ابن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما نزلت سورة النساء، [قال رسول الله : "لا حبس بعد سورة النساء" (٥)] (٦).

وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى القول بمقتضى هذا الحديث، وهو الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني، وذهب الجمهور إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد، قالوا: لأن النبي رجم ماعزًا والغامدية واليهوديين، ولم يجلدهم قبل ذلك، فدل على أن الجلد ليس بحتم، بل هو منسوخ على قولهم، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾ أي: واللذان يفعلان الفاحشة فآذوهما، قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما؛ أي: بالشتم والتعيير والضرب بالنعال (٧). وكان الحكم كذلك، حتى نسخه الله بالجلد أو الرجم.


(١) مسند الطيالسي (ح ٥٨٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٤٧٦)، وسنده ضعيف بسبب الفضل بن دلهم ضعفه ابن معين كما في (ميزان الاعتدال ٣/ ٣٠١)، وقال ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه: هذا خطأ إنما أراه عن الحسن عن حطان عن قتادة (العلل ١/ ٤٥٦)، ولكن متنه صحيح كما تقدم.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي (مح): "حمران" وفي الأصل: "عمران" وهو تصحيف.
(٤) في سنده عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي، قال أبو حاتم: متروك، وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث (لسان الميزان ٤/ ٤٦٩).
(٥) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١١/ ٣٦٥)، وفي سنده عيسى بن لهيعة ضعيف كما تقدم في أول تفسير السورة.
(٦) ما بين معقوفين سقط في الأصل واستدرك من (ح) و (حم) و (مح) والتخريج.
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عنه.