للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أشعث ابن عبد الله بن جابر الحداني به، وقال الترمذي: حسن غريب (١)، وسياق الإمام أحمد أتم وأكمل.

﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (١٦)﴾.

كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة، حبست في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت، ولهذا قال: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ﴾ يعني: الزنا ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك.

قال ابن عباس : كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور، فنسخها بالجلد أو الرجم (٢). وكذا رُوي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن وعطاء الخراساني وأبي صالح وقتادة وزيد بن أسلم والضحاك، أنها منسوخة (٣)، وهو أمر متفق عليه.

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي، أثر عليه، وكرب لذلك، وتَرَبّد وجهه، فأنزل الله ﷿ عليه ذات يوم، فلما سُري عنه، قال: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا، الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة" (٤). وقد رواه مسلم وأصحاب السنن من طرق عن قتادة، عن الحسن، عن حطان، عن عبادة بن الصامت، عن النبي ولفظه: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" (٥). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه أبو داود الطيالسي


(١) سنن الترمذي، الوصايا، باب ما جاء في الوصية بالثلث (ح ٢١١٧)، وسنن ابن ماجه، الوصايا، باب الحيف في الوصية (ح ٢٧٠٤).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عن ابن عباس، وفي سنده عطاء لم يسمع من ابن عباس وقد تابعه علي بن أبي طلحة كما في رواية الطبري والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٣١٠، ويشهد له حديث عبادة بن الصامت كما سيأتي في صحيح مسلم. فالإسناد حسن لغيره.
(٣) هذه الأقوال ذكرها كلها ابن أبي حاتم بحذف السند، وقول عطاء الخراساني تقدم في سابقه ضمن إسناد ابن عباس، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري، وأخرجه الطبري بإسناد صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بإسناد حسن من طريق أسباط عن السدي. وقول زيد بن أسلم أخرجه الطبري بإسناد صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ٣١٨)، وسنده صحيح فقد أخرجه مسلم كما سيأتي.
(٥) صحيح مسلم، الحدود، باب حد الزنى (ح ١٦٩٠)، وسنن الترمذي، الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب (ح ١٤٣٣).