للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أن تخرج النفس وهي مشركة" (١)، ولهذا قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ أي: موجعًا شديدًا مقيمًا.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١) وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (٢٢)﴾.

قال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال الشيباني: وذكره أبو الحسن [السوائي] (٢)، ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾، قال: كانوا إذا مات الرجل، كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك، هكذا رواه البخاري (٣) وأبو داود والنسائي وابن مردويه وابن أبي حاتم من حديث أبي إسحاق الشيباني واسمه سليمان بن أبي سليمان، عن عكرمة، وعن أبي الحسن السوائي واسمه عطاء، كوفي أعمى، كلاهما عن ابن عباس بما تقدم (٤). وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، حدثني علي بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها، فأحكم الله تعالى عن ذلك، أي: نهى عن ذلك (٥)، تفرد به أبو داود، وقد رواه غير واحد عن ابن عباس بنحو ذلك. فقال وكيع، عن سفيان، عن علي بن بذيمة، عن مقسم، عن ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي [عنها] (٦) زوجها، فجاء رجل فألقى عليها ثوبًا كان أحق بها، فنزلت ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ (٧).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٥/ ٤١٠ - ٤١١ ح ٢١٥٢٢)، وسنده ضعيف لجهالة عمر بن نعيم (لسان الميزان ٤/ ٣٣٦).
(٢) كذا في (ح) و (حم) و (مح) وصحيح البخاري، وفي الأصل: "السراري" وهو تصحيف.
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ [النساء: ١٩] ح ٤٥٧٩).
(٤) سنن أبي داود، النكاج، باب ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ (ح ٢٠٨٩)، وتفسير النسائي من السنن الكبرى ص ٤٣، وتفسير ابن أبي حاتم، وسنده صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٨٣٩).
(٥) سنن أبي داود، النكاح، باب ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ (ح ٢٠٩٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٨٤٠).
(٦) زياد من (ح) و (حم) و (مح).
(٧) أخرجه الطبري من طريق وكيع به بدون ذكر ابن عباس وسنده مرسل.