للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهله قليلًا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار. وقد قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] وأحكام عشرة النساء وما يتعلق بتفصيل ذلك موضعه كتب الأحكام، ولله الحمد.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ أي: فعسى أن يكون صبركم مع إمساككم لهن وكراهتهن فيه، خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس في هذه الآية: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون في ذلك الولد خير كثير (١)، وفي الحديث الصحيح: " [لا يفرك] (٢) مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقًا رضي منها آخر" (٣).

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠)﴾ أي: إذا أراد أحدكم أن يفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذ مما كان أصدق الأولى شيئًا ولو كان قنطارًا من المال، وقد قدمنا في سورة آل عمران الكلام على القنطار بما فيه كفاية عن إعادته ههنا (٤). وفي هذه الآية دلالة على جواز الإصداق بالمال الجزيل، وقد كان عمر بن الخطاب [نهى عن كثرة الإصداق] (٥) ثم رجع عن ذلك، كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت عن أبي العجفاء السلمي، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ألا لا تَغلّوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها النبي ، ما أصدق رسول الله امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن كان الرجل ليبتلى بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت إليك علق القربة (٦) (٧)، رواه الإمام أحمد وأهل السنن من طرق عن محمد بن سيرين، عن أبي العجفاء واسمه: هرم بن مُسَيب البصري، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (٨).

(طريق أخرى عن عمر) قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن المجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله ، ثم قال: أيها الناس، ما إكثاركم في صُدُق (٩) النساء، وقد كان رسول الله وأصحابه وإنما الصّدُقات (١٠) فيما بينهم


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.
(٢) كذا في (ح) و (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل: "لا يترك" وهو على المعنى.
(٣) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا (الصحيح، الرضاع، باب الوصية بالنساء ح ١٤٦٩).
(٤) سورة آل عمران آية ١٤.
(٥) سقط في الأصل، واستدرك من (ح) و (مح) و (حم).
(٦) أي تحملت لأجلك كل شيء حتى علق القربة، وهو حبلها الذي تعلق به (النهاية ٣/ ٢٩٠).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وأطول (المسند ١/ ٢٨٣ ح ٢٨٥)، وصححه محققوه وأحمد شاكر.
(٨) سنن الترمذي، النكاح، باب ما جاء في مهور النساء (ح ١١١٤)، وتقدم تصحيحه، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٨٨٩).
(٩) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "صداق".
(١٠) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "صداق".