للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعمائة درهم، فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. قال: ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم، قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾؟ قال: فقال: اللهم غفرًا، كل الناس أفقه من عمر. ثم رجع فركب المنبر فقال: إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل (١). إسناده جيد قوي (٢).

وقال ابن المنذر: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن قيس بن ربيع، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قال عمر بن الخطاب: لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ - من ذهب - قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود، (فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئًا)، فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته (٣).

(طريق أخرى عن عمر فيها انقطاع) قال الزبير بن بكار: حدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب: لا تزيدوا في مهور النساء وإن كانت بنت ذي القُصّة - يعني يزيد بن الحصين الحارثي - فمن زاد، ألقيت الزيادة في بيت المال. فقالت امرأة من صفة النساء طويلة، في أنفها فطس: ما ذاك لك. قال: ولم؟ قالت: لأن الله قال: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا … ﴾ الآية، فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ (٤)، ثم عمل عمر بن الخطاب بخلاف ما كان [نهى] (٥) عنه فإنه أصدق أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله أربعين ألفًا إكرامًا لها، وعلى ذلك كان عمل الناس فيما بعد لما فتح الله عليهم الأمصار وصارت إليهم تلك الأموال. قال الطبراني: حدثني الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال: تزوج الحسن بن علي امرأة أرسل إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم، وهذا إسناد صحيح. وكان الحسن بن علي يمتع المطلقة من نسائه بعشرة آلاف، فقالت إحداهن لما وضعت بين يديها وقد بانت منه: متاع قليل من حبيب مفارق. وأصدق مصعب بن الزبير


(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده كما في المقصد العلي للهيثمي ٢/ ٣٣٤ - ٣٣٥ (ح ٧٥٧)، وضعفه الدارقطني (في العلل ١/ ٢٣٨ - ٢٣٩)، والألباني في إرواء الغليل ٦/ ٣٤٨.
(٢) وتبعه السخاوي في المقاصد الحسنة (ح ٨١٤)، والسيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٦٦، والصحيح هو الحديث السابق من طريق أبي العجفاء.
(٣) أخرجه ابن المنذر بسنده ومتنه (التفسير رقم ١٥١١)، وأخرجه عبد الرزاق عن قيس به (المصنف ٦/ ١٨٠)، وسنده ضعيف ضعفه الألباني بسبب الانقطاع بين أبي عبد الرحمن السلمي وعمر، وسوء حفظ قيس بن الربيع (الإرواء ٦/ ٣٤٨).
(٤) سنده ضعيف بسبب الانقطاع بين عمر وجد الزبير بن بكار.
(٥) كلمة "نهى" سقط من الأصل.