للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظرًا، وهو ما حدثني به المثنى، حدثنا حبان بن موسى، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي قال: "إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها، دخل بالبنت أو لم يدخل، وإذا تزوج بالأم فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوج الابنة"، ثم قال: وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره (١).

وأما قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ فجمهور الأمة على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل، أولم تكن في حجره، قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣]. وفي الصحيحين أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان، [وفي لفظ لمسلم عزة بنت أبي سفيان] (٢)، قال: "أو تحبين ذلك"؟ قالت: نعم لست لك بِمُخْلِيَةٍ، وأحب من شاركني في خير أختي، قال: "فإن ذلك لا يحل لي". قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تكح بنت أبي سلمة، قال: "بنت أم سلمة" قالت: نعم. قال: "إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لبنت أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن" (٣)، وفي رواية البخاري: "إني لو لم أتزوج أُم سلمة ما حلّت لي" (٤)، فجعل المناط في التحريم [مجرد تزوجه أم سلمة، وحكم بالتحريم] (٥) لذلك، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة وجمهور الخلف والسلف، وقد قيل: بأنه لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر الرجل، فإذا لم تكن كذلك فلا تحرم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا هشام - يعني: ابن يوسف - عن ابن جريج، حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، أخبرني مالك [بن أوس] (٦) بن الحدثان، قال: كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال علي: لها ابنة؟ قلت: نعم وهي بالطائف. [قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي بالطائف] (٧) قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾؟ قال: إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك إذا كانت في حجرك (٨). هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم، وهو قول غريب جدًّا، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه. وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك ، واختاره ابن


(١) ذكره الطبري بالرواية نفسها وبتعليقه، وفي سنده المثنى بن الصباح: ضعيف (التقريب ص ٥١٩).
(٢) الزيادة من (ح) و (حم) و (مح).
(٣) صحيح البخاري، النكاح، باب ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] (ح ٥١٠١) وصحيح مسلم، الرضاع، باب تحريم الربيبة (ح ١٤٤٩).
(٤) صحيح البخاري، النكاح، باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير (ح ٥١٢٣).
(٥) الزيادة من (ح) و (حم) و (مح).
(٦) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "بن رزين" وهو تصحيف.
(٧) زيادة من (ح) و (حم) و (مح).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وصححه أيضًا السيوطي (الدر ٢/ ١٣٦).