للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن سماك بن الفضل، عن رجل، عن عبد الله بن الزبير، قال: الربيبة والأُم سواء لا بأس بها إذا لم يدخل بالمرأة (١). وفي إسناده رجل مبهم لم يسم.

وقال ابن جريج: أخبرني عكرمة بن خالد أن مجاهدًا قال له: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ أراد بهما الدخول جميعًا (٢). فهذا القول كما ترى مروي عن علي وزيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير ومجاهد وسعيد بن جبير وابن عباس، وقد توقف فيه معاوية. وذهب إليه من الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصابوني فيما نقله الرافعي عن [العبادي] (٣). وقد روي عن ابن مسعود مثله، ثم رجع عنه، قال الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، حدثنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي فروة، عن أبي عمرو الشيباني، عن ابن مسعود: أن رجلًا من بني شمِخ من فزارة تزوج امرأة فرأى أمها فأعجبته. فاستفتى ابن مسعود، فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها، فتزوجها وولدت له أولادًا، ثم أتى ابن مسعود المدينة، فسئل عن ذلك، فأخبر أنها لا تحل له، فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل: إنها عليك حرام ففارقها (٤). وقد خالفه جمهور العلماء من السلف والخلف فرأوا أن الربيبة لا تحرم بمجرد العقد على الأم وأنها لا تحرم إلا بالدخول بالأُم بخلاف الأم، فإنها تحرم بمجرد العقد على الربيبة.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن محمد بن هارون [بن عَزْرة] (٥)، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقول: إذا طلق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها أو ماتت لم تحل له أمها، روي أنه قال: إنها مبهمة، فكرهها (٦). ثم قال: وروي عن ابن مسعود وعمران بن حصين ومسروق وطاوس وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول وابن سيرين وقتادة والزهري نحو ذلك (٧). وهذا مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا، ولله الحمد والمنة.

قال ابن جرير: والصواب قول من قال: الأُم من المبهمات، لأن الله لم يشترط معهن الدخول كما شرط ذلك مع أمهات الربائب، مع أن ذلك أيضًا إجماع [من الحجة] (٨) التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متفقة عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النبي خبر غير أن في إسناده


(١) أخرجه عبد الرزاق عن معمر به (المصنف ٦/ ٢٧٨ رقم ١٠٨٣٣)، وسنده ضعيف بسبب إبهام الرجل الذي أشار إليه الحافظ ابن كثير.
(٢) أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج به (المصنف ٦/ ٢٧٥ رقم ١٠٨١٧).
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي (مح): "العباري"، وهو تصحيف وفي الأصل: "البيضاوي".
(٤) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٩/ ١١٧ ح ٨٥٧٩)، قال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح (المجمع ٤/ ٢٧٠)، وأخرجه عبد الرزاق عن الثوري به (المصنف ٦/ ٢٧٣ رقم ١٠٨١١) وسنده صحيح، وأبو فروة هو: عروة بن الحارث الهمداني، وأبو عمرو الشيباني هو: سعد بن إياس.
(٥) كذا في تفسير ابن أبي حاتم وترجمة شيخه جعفر، وفي الأصل و (ح) و (حم) و (مح): "بن عروة".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وأخرجه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن بكر عن سعيد به (السنن الكبرى ٧/ ١٦٠)، وسنده حسن.
(٧) ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند.
(٨) سقط في الأصل واستدرك من (ح) و (حم) و (مح).