للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه … فذكر نحوه، وهذا (١) - والله أعلم - أشبه بالصواب. وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البلخي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب، فلما قدموا على رسول الله ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله، خفت أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ … ﴾ الآية، فسكت عنه رسول الله (٢)، ثم أورد ابن مردويه عند هذه الآية الكريمة من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدًا مُخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بسم تردى به فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردّى من جبل فقتل نفسه، فهو مترد في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" وهذا الحديث ثابت في الصحيحين (٣)، وكذلك رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه، وعن أبي قلابة، عن ثابت بن الضحاك ، قال: قال رسول الله : "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة" (٤)، وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من طريق أبي قلابة. وفي الصحيحين من حديث الحسن، عن جندب بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله : "كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينًا نحر بها يده، فما رقأ الدم حتى مات"، قال الله ﷿: "عبدي بادرني بنفسه، حرمت عليه الجنة" (٥).

ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا﴾ أي: ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه معتديًا فيه ظالمًا في تعاطيه؛ أي: عالمًا بتحريمه متجاسرًا على انتهاكه ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا … ﴾ الآية، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فليحذر منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد.

وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)﴾، أي: إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها، كفرنا عنكم صغائر الذنوب وأدخلناكم الجنة، ولهذا قال: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا مؤمل بن هشام، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس رفعه قال: لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا ﷿، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر، يقول الله: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)(٦) وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية


(١) المصدر السابق.
(٢) في سنده يوسف بن خالد بن عمير: متروك (التقريب ص ٦١٠)، وتقدم تخريجه وتصحيحه في الحديث السابق من طرق أخرى.
(٣) صحيح البخاري، الطب، باب شرب السم والدواء (ح ٥٧٧٨)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان (ح ١٠٩).
(٤) صحيح البخاري، الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس (ح ١٣٦٣).
(٥) صحيح البخاري، الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس (ح ١٣٦٤)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ١٨٠.
(٦) أخرجه البزار بسنده ومتنه كما في مختصر زوائد مسند البزار للحافظ ابن حجر (٢/ ٧٨ ح ١٤٥٦)، ثم قال: =