للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرار من الزحف، ورمي المحصنات، والانقلاب إلى الأعراب بعد الهجرة" (١)، فالنص على هذه السبع بأنهن كبائر، لا ينفي ما عداهن إلا عند من يقول بمفهوم اللقب، وهو ضعيف عند عدم القرينة ولا سيما عند قيام الدليل بالمنطوق على عدم المفهوم، كما سنورده من الأحاديث المتضمنة من الكبائر غير هذه السبع، فمن ذلك ما رواه الحاكم في مستدركه حيث قال: حدثنا أحمد بن كامل القاضي إملاء، حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد، حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا حرب بن شداد، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير، عن أبيه - يعني عمير بن قتادة -، أنه حدثه - وكانت له صحبة - أن رسول الله قال في حجة الوداع: "ألا إن أولياء الله المصلون من يقم الصلوات الخمس التي كتبت عليه، ويصوم رمضان ويحتسب صومه، يرى أنه عليه حق، ويعطي زكاة ماله يحتسبها ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها ثم إن رجلًا سأله فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال: " [تسع] (٢): الشرك بالله، وقتل نفس مؤمن بغير حق، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتًا، ثم قال: لا يموت رجل لا يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة إلا كان مع النبي في دار أبوابها مصاريع من ذهب"، هكذا رواه الحاكم مطولًا (٣)، وقد أخرجه أبو داود والترمذي مختصرًا من حديث معاذ بن هانئ به. وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديثه مبسوطًا (٤)، ثم قال الحاكم: رجاله كلهم يحتج بهم في الصحيحين إلا عبد الحميد بن سنان. (قلت): وهو [حجازي] (٥) لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في كتاب الثقات. وقال البخاري: في حديثه نظر، وقد رواه ابن جرير عن سليمان بن ثابت الجحدري، عن سلم بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد بن عمير، عن أبيه … فذكره، ولم يذكر في الإسناد عبد الحميد بن سنان (٦)، والله أعلم.

(حديث آخر في معنى ما تقدم) قال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن الوليد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن ابن عمرو، قال: صعد النبي المنبر، فقال: "لا أقسم، لا أقسم ثم نزل فقال: "أبشروا أبشروا، من صلى الصلوات الخمس واجتنب الكبائر السبع، نودي من


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وفي سنده فهد بن عوف كذب (ميزان الاعتدال ٤/ ٤٥٥)، والكبائر كلها تقدمت في الصحيحين إلا السابقة وهي: الانقلاب إلى الأعراب بعد الهجرة.
(٢) كذا في المستدرك ونسخه (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "السبع". وهو تصحيف.
(٣) أخرجه الحاكم بسنده ومتنه وصححه وتعقبه بأن عبد الحميد بن سنان مجهول (المستدرك ١/ ٥٩)، وفي التقريب (ص ٣٣٣)، مقبول، ويشهد لمعظمه حديث ابن عمر التالي، ولهذا حسن هذا الحديث المنذري (الترغيب ١/ ٥٣٥)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون (المجمع ١/ ٥٣).
(٤) أخرجه أبو داود (السنن، الوصايا، باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم (ح ٢٨٧٥)، والنسائي (السنن، تحريم الدم، باب ذكر الكبائر ٧/ ٨٩)، ولم يخرجه الترمذي، وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا كلهم من طريق عبد الحميد بن سنان به. ويشهد لمعظمه حديث ابن عمر في تفسير الطبري كما سيأتي بعد الحديث الآتي.
(٥) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "بخاري". وهو تصحيف.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسقط منه: عبد الحميد بن سنان، ويشهد له ما بعد الحديث الآتي.